فعمل ، وحاذر فبادر ، وأيقن فأحسن ، وعبر فاعتبر ، وحذر فحذر ، وزجر فازدجر ، وأجاب فأناب ، وراجع فتاب ، واقتدى فاحتدى ، وأري فرأى ، فأسرع طالبا ، ونجا هاربا ، فأفاد ذخيرة ، وأطاب سريرة ، وعمر معادا ، واستظهر زادا ليوم رحيله ، ووجه سبيله ، وحال حاجته ، وموطن فاقته ، وقدم أمامه لدار مقامه ـ
فاتقوا الله عباد الله جهة ما خلقكم له ، واحذروا منه كنه ما حذركم من نفسه ، واستحقوا منه ما أعد لكم بالتنجز لصدق ميعاده ، والحذر من هول معاده ـ
فهل ينتظر أهل بضاضة الشباب إلا حواني الهرم ، وأهل غضارة الصحة إلا نوازل السقم ، وأهل مدة البقاء إلا آونة الفناء ، مع قريب الزيال ، وأزوف الانتقال ، وعلز القلق ، والم المضض ، وغصص الجرض ، وتلفت الإستغاثة بنصرة الحفدة والأقرباء ، والأعزة والقرناء ، فهل دفعت الأقارب ، أو نفعت النواحب ، وقد غودر في محلة الأموات رهينا ، وفي ضيق المضجع وحيدا ، قد هتكت الهوام جلدته ، وأبلت النواهك جدته ، وعفت العواصف آثاره ، ومحا الحدثان معالمه ، وصارت الأجساد شحبة بعد بضتها ، والعظام نخرة بعد قوتها ، والأرواح مرتهنة بثقل أعباءها ، موقنة بغيب أنباءها ، لا تستزاد من صالح عملها ، ولا تستعتب من سيء زللها ـ
أو لستم أبناء القوم والآباء وإخوانهم والأقرباء؟ تحتذون أمثلتهم ، وتركبون قدتهم ، وتطأون جادتهم ، فالقلوب قاسية عن خطها ، لاهية عن رشدها ، سالكة في غير مضمارها ، كأن المعني سواها ، وكأن الرشد في إحراز دنياها» (الخطبة ٨٢).
ذلك ، وليس «فرقانا» يختص بفرقان خاص ، فانه ككل ما يفرق بين الحق والباطل قرآنا ورسول القرآن وفاروق الأمة بعده وهو علي (عليه السلام).
فكما أن تقوى الله تستجلب فرقان الله بكل ما يعنيه ، كذلك