الأيادي والطاقات المجرمة والوسائل المعادية فيما بينهم وكما وعد الله : (وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ) حتى لا يقوم منهم ـ بعد ـ قائم ولا يحوم حوم الحرب منهم حائم إلّا آثم.
لم يكن في بدر دور للألف المردفين من الملائكة إلّا حضورا بأشخاصهم وتثبيتا لقلوب المؤمنين ، وأما ضرب فوق الأعناق وكل بنان فقد كان من المؤمنين (١).
وهنا في الضفّة المؤمنة نصر من الله وتثبيت من الملائكة لهم بإذن الله ، ثم في الضفة الكافرة : (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى
__________________
(١) في الدر المنثور ٣ : ١٧٢ عن ابن عباس في حديث بدر الكبرى ونفر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بجميع المسلمين وهم يومئذ ثلاثمائة وثلاث عشر رجلا وسيد المشركين يومئذ عتبة بن ربيعة لكبر سنه فقال عتبة يا معشر قريش إني لكم ناصح وعليكم مشفق لا أدخر النصيحة لكم بعد اليوم وقد بلغتم الذي تريدون وقد نجا أبو سفيان فارجعوا وأنتم سالمون فان يكن محمد صادقا فأنتم أسعد الناس بصدقه وان بك كاذبا فأنتم أحق من حقن دمه ، فالتفت إليه أبو جهل فشتمه وفج وجهه وقال له : قد امتلأت أحشاءك رعبا ، فقال له عتبة : سيعلم اليوم من الجبان المفسد لقومه ، فنزل عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة حتى إذا كانوا أقرب أسنة المسلمين قالوا : ابعثوا إلينا عدتنا منكم نقاتلهم ، فقام غلمة من بني الخزرج فأجلسهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم قال : يا بني هاشم أتبعثون إلى أخويكم والنبي منكم غلمة بني الخزرج فقام حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث فمشوا إليهم في الحديدة فقال عتبة تكلموا نعرفكم فان تكونوا أكفاءنا نقاتلكم فقال حمزة أنا أسد الله وأسد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال عتبة كفؤ كريم فوثب إليه شيبة فاختلفا ضربتين فضربه حمزة فقتله ثم قام علي بن أبي طالب إلى الوليد بن عتبة ، فاختلفا ضربتين فضربه علي (عليه السلام) فقتله ثم قام عبيدة فخرج إليه عتبة فاختلفا ضربتين فجرح كل واحد منهما صاحبه وكر حمزة على عتبة فقتله فقام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : اللهم ربنا نزلت علي الكتاب وأمرتني بالقتال ووعدتني النصر ولا تخلف الميعاد فأتاه جبرئيل (عليه السلام) فأنزل عليه : ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين فأوحى الله إلى الملائكة «اني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ، فقتل أبو جهل في تسعة وستين رجلا وأسر عقبة بن معيط فقتل صبرا فوفى ذلك سبعين وأسر سبعين».