ربع ساعة لمحنا من
بعيد برجين تقع عيون عند قاعدتيهما لكنها لا تزال مخفية لأنها في حوض مماثل للحوض
الذي يحوي الكهفة.
البرجان المطلان
على مرتفعات العيون هما مركزا مراقبة لتفحص المحيط في فترات الاضطراب ولتفادي
المفاجآت إذ يسمحان بالإبلاغ عن اقتراب أي قوة مشبوهة. وقد صادفتهما لاحقا في
بلدات أخرى وبالأخص في قصيبا وحتى في الحجاز في خيبر.
في المكان الذي
نرى منه هذين البرجين قرب العيون ومن ثمّ على بعد كيلومترين وراء التلال الحدودية
، تصبح الأرض شديدة الاضطراب وتكثر آثار فوهات البراكين.
أخيرا بعد مضي
ثماني ساعات على مغادرتنا قواره ، وصلنا إلى حافة الحوض الذي يضم العيون والغوطة
اللتين لمحنا نخيلهما من بعيد. وقد امضينا ساعتين إضافيتين لبلوغهما.
فور هبوطنا الى
الحوض تركنا إلى يميننا صخرة رميلة معزولة يلفت شكلها انتباه من رأى أبو الهول
أمام الأهرامات قرب القاهرة ، فالشبه كبير. وقد رأيت عليها آثار أحرف حميرية
وعربية شبه ممحية كليا وغير مقروءة. وعلى بعد عشر دقائق ، يوجد إلى يمين الطريق
أيضا صخرة أكبر بكثير تحمل عددا كبيرا من النقوش الحميرية الممحية جزئيا تمكنت من
نقل بعضها. هذه الصخرة تحمل اسم الهراشي.
بعد مضي عشرين
دقيقة على نزولنا إلى حوض العيون ، وصلنا أمام الغاف وهي مزرعة نخيل واسعة جدا
اجتاحها النفود كليا. وقد سرت بمحاذاة هذه المزرعة البديعة خببا مدة خمس وعشرين
دقيقة. وبعد ساعة ، أي في تمام الظهر ، كنت أمام العيون.
من الناحية
الغربية ، وهي الجهة التي أتينا منها ، يحجب كثب رملي هائل العيون كليا. ويصد هذا
الكثيب من جهة المدينة جدارا من الآجرّ يرتفع تدريجيا كلما ارتفع الرمل.
يبلغ عدد سكان
العيون ، أكبر البلدات ما بين حائل وبريدة ، ٢٥٠٠ نسمة تقريبا ومساحتها كبيرة جدا
إذ يبلغ طولها من الشرق إلى الغرب ٥ كيلومترات تقريبا ويبلغ عرضها ما بين ١٠٠٠ و ١٥٠٠
متر. أشجار النخيل فيها جميلة ويعتبر منتوجها من أفضل منتوجات القصيم. والمياه
يتفاوت مذاقها من مكان إلى آخر وإن كانت صالحة للشرب ، فهي غزيرة جدا. وتقع المياه
مباشرة تحت الصخر الذي يطفو على سطح