صحيح أن ما كان
يقدّمه لي قليل وأن هذا القليل كان يعوضه تعويضا سخيا استقبال الشيخ الفرنساوي ،
صديق الأمير والذي سيكون له الحق لاحقا بأن يناديه الأخ. إلا أنه لا بد لي من
التصريح بأن البدوي الذي كان يراني في المساء خلال سعينا لإيجاد مأوى ، كان يبدي
مسارعة مماثلة للتمسك بي مع علمه بأن هذا سيكلفه خروفا وإن حصته منه ستكون صغيرة
نظرا لوجود رجلين من رجال الأمير معي.
من بعد ما ذكرته عن
طوبوغرافية عقدة التي لا تملك سوى ممر مقطوع اصطناعيا بجدار ، والمحاطة كليا بصخور
من الغرانيت لا يمكن الوصول إليها من الخارج ، ندرك كيف إن أمير حائل يعتبرها
كمعقل وملجأ منيع في حال الاجتياح لكونها موفورة التموين وفي حماية فرقة شجاعة.
وأنا من هذا الرأي شرط ان لا يكون المجتاحون قوات أوروبية وأن لا يكونوا متسلحين
بمدفع لاقتحام الثغرة.
جبل سرا
في إحدى أولى
السهرات التي أمضيتها عند الأمير علمت بوجود نقوش قديمة في الجبل ودلني الأمير على
جبل سرا على مسافة يوم جنوبي حائل كنقطة يمكنني أن أعثر فيها على نقش. وقد استدعى
مطوع شمّر ، الشيخ عواد الذي نسخها ذات يوم على غلاف كتاب زودني به.
وعرفت في الحال
انها كتابة حميرية وسمح لي بأن أفترض أنها ليست الوحيدة وانه بإمكاني العثور على
المزيد منها.
في ٩ تموز أعطاني
الأمير رجلين ليقوداني إلى جبل سرا. اذ غادرنا حائل في السابعة صباحا من الباب
الغربي ، لم نلبث أن انعطفنا نحو اليسار تاركين جبل سرا إلى الشرق. كان اتجاهنا
جنوبا تقريبا ، ١٠ درجات غربا بصرف النظر عن تبدلات العقرب.
بعد ساعتين من
مغادرتنا حائل وصلنا إلى مستوى قفار التي تركناها إلى يميننا. عند الظهر توقفنا
لتناول بعض التمر أمام صخرة عرجان التي كانت ترمي بعض الظل الى الشمال وبعد ساعة
استأنفنا مسيرتنا.
منذ مغادرتي حائل
كان جبل أجا باستمرار إلى يميني وتقريبا على المسافة نفسها.