الغرانيتي المملوء بالبطحا أو حصى الغرانيت (١) حتى ارتفاع ٤ أو ٥ أمتار والتي تشكل التربة. القاع على شكل أحواض تحجز ماء المطر الذي يهطل على عقدة في هذه الأحواض الطبيعية الصغيرة حيث تغوص جذور النخيل.
في كل الأماكن الأخرى ، عند ما تكون المياه على عمق بالغ لا تستطيع جذور النخيل الوصول إليها ، يجب حفر آبار واسعة جدا وسحب الماء منها عشرة أشهر على اثني عشر بمعدل خمس عشرة ساعة يوميا على الأقلّ. كما إن ذلك يجبر على شراء الإبل والعناية بها لهذا الغرض كذلك يلزم رجل لتشغيلها. ولكن سكان عقدة السعداء لا يعرفون شيئا من هذا ولا يأبهون. وجل تعبهم ينحصر في أن يتمنوا أن تمطر في الشتاء. وهم يتمادون في سعادتهم إلى حد الكسل إذ إنهم لا يبذلون أي عناية بشجرات النخيل التي كان بالإمكان ان تكون أجمل واكثر إنتاجا. وعلى أي حال فإن ضعف نخيلهم كان وبالا عليهم خلال شتاء ١٨٧٩ ـ ١٨٨٠ الذي انعكست قسوته على كلّ أرجاء الجزيرة العربية. فكثير منها مات وعدد أكبر منها لن يعطي سوى محصول لا يذكر لفترة طويلة.
وقد أكد لي حمود والمجراد بأن عقدة تملك سبعين ألف شجرة نخيل وقد يكون هذا صحيحا. يعود حوالي خمس هذا العدد إلى الأمير وخمسان إلى البدو المقيمين في البلدة طوال العام والباقي يعود إلى شمر الرحل.
يأتي هؤلاء الأخيرون من الصحراء في شهر مايو (أيار) لإخصاب إناث شجرات النخيل فيبنون لأنفسهم أكواخا من ورق النخيل ويقيمون هنا حتى القطاف في أيلول. أحد افراد العائلة يبقى في الصحراء مع القطعان. ويغتنم عدد منهم إقامتهم لزرع البطيخ والشمّام ويسقونها من مياه الآبار. ويبيعونها في حائل.
بما ان جزءا من السكان بدو فإن عادات الصحراء هي السائدة في عقدة. وتتمثل بالنسبة للغريب الذي يصل إليها بالضيافة. خلال الأيام الثلاثة التي أمضيتها فيها ، اضطررت الى الدخول إلى تسعة عشر منزلا أو خيمة حيث قدمت لي القهوة وطبق كبير من البطيخ أو الشمام المقطع مكعبات. أقول" اضطررت" إذ إن أحدهم ما ان يلمحني سائرا حتى يأخذ مطيتي من الرسن ويقودني الى بيته متجاهلا ملاحظاتي.
__________________
(١) ثمة خطا هنا على الارجح. فالكلمة العربية بطحاBathha كما كتبها السيد هوبير تعني باللغة الفصحى" مجرى نهر واسع جاف مملوء بالحصى" وقد احتفظت بهذا المعنى حتى عند عرب Wadai ويكون السيد هوبير قد خلط في الجزيرة العربية بين المحتوى والحاوي. [التحرير]