على مسافة ٣ كيلومترات غربي القرية ، تنتصب بعض قمم الصلصال الرملي وأعلاها هي أم السلمان (١). وقد تسلقتها غداة وصولي إلى جبه ، بالرغم من تحذيرات السكان الذين قالوا لي إنه لا يوجد طريق اليها ، وقد تأكد لي صحة ذلك. إلى مستوى ثلثي الارتفاع لا يواجه الصعود أي صعوبة. ولكن من بعد ذلك يصبح المنحدر وعرا جدا تغطيه شظايا من الحجر الرملي تبدو وكأنها متفحمة وتشبه في شكلها القرميد المكسّر. ويبدو وكأن الجبل كان مغطى بقشرة بسماكة ٣ الى ٤ سنتيمترات تمّ تكسيرها في مكانها. هذه الشظايا هي في حالة انعدام توازن بسبب قوة انحدار القمة لدرجة أن أدنى ملامسة لها تجعلها تسقط جارفة معها كتلة ضخمة من الحجارة. وبديهي في هذه الحالة أن القدمين لا تكفيان وحدهما لبلوغ القمة وهما أقل كفاية للنزول.
عند بلوغي القمة بعد شروق الشمس بقليل ، تسنى لي التمتع بمشهد رائع ومؤثر.
ان قمة أم السلمان بمنحدرها الوعر جدا من الجهة الشرقية ، تنزل عموديا من الجهة الغربية. وعلى امتداد مترين ، لا يتعدى عرض القمة مترا واحدا بحيث لا يتسع إلا لجلوس شخصين. كانت ريح الظهر تعصف قوية ولا تسمح بالوقوف ، فجلست مستندا الى الصخر.
لحسن الحظ لقيت مكافأة على تعبي وآلامي (إذ تجرحت يداي وبالأخص قدماي) برؤية مشهد رائع وبالأخص في رأس أعلى صخرتي العليّم وهو الدافع الرئيس لصعودي. فإن ارتفاع هذه القمة يسمح لي بالتأكد من مسار طريقي. كما استطعت أن أرى جبلا طويلا قرب الجوف وجبل شمّر في الجنوب وجبل عوثة على مسافة عشرة كيلومترات شرقي جبة.
تبدو لي أم السلمان فوهة بركان لم يتبق منها سوى جدارها الشرقي. هذا الافتراض يفسر وعورة المنحدر الخارجي للقمة من الجهة الشرقية وعموديّة الجدار الغربي. مغادرتي المفاجئة لجبه لم تسمح لي بالتوغل أكثر من أبحاثي بهذا الصدد لكنني ألفت نظر المستكشفين المقبلين كما أوصي بتسلق القمة لهواة الانفعالات.
وقد سجل جهازي لقمة رأس سلمان ، ارتفاعا بلغ ٣٧٠ مترا فوق مستوى أرض جبة.
__________________
(١) والين يسميها مسلمان ، غوارماني أمّ سنمان ، ام السلمان ، كما وأن جبل جبة يشير الى مجمل الجبل الذي تبلغ مساحته ما بين ٣ و ٤ كيلومترات مربعة. وأعلى قمة فيه لا تزال تدعى رأس سلمان.