اليومين بقي المنظر مشوبا بضباب خفيف وكانت الشمس شاحبة والحرارة باردة. أما البوصلة فكانت مضطربة باستمرار.
المياه في آبار الشعيبة البالغ عددها ثلاثين بئرا ، تقع على عمق ٥ أو ٦ أمتار. وهي شديدة الملوحة ومرة.
في ٣٠ كانون الثاني سرنا بضعة كيلومترات إضافية باتجاه الجنوب ـ الشرقي ثم إلى الشرق. وحينما بلغنا أثر درب بغداد بدأنا نسير إلى الشمال ودخلنا إلى النفود الذي لم يعد فيه ما يخيف ولا يقارن بنفود الجزيرة العربية الوسطى. فهو مجرد تلال من الرمل تفصل ما بينها وهاد مملوءة بالحصى. وبعد مسيرة ١٣ ميلا وصلنا إلى مكان يدعى الشامة.
في ٣١ كانون الثاني قطعنا كذلك ١٣ ميلا في اتجاه الشمال وذهبنا لنخيّم عند بئر تربة حيث بقينا أربعة أيام.
البئران مسورتان والمياه فيهما على عمق ١٥ مترا تقريبا. لدى وصولنا كانت المياه نتنة ومرة ولكن حينما استنفدها الحجيج بسرعة جاءت المياه التي حلّت محل الأولى أطيب مذاقا.
شيّد أحد اواخر أمراء شمّر قرب آبار متعب ، قصرا من الآجرّ ووضع فيه كتيبة حرس لمنع العرب من غير شمر أو حلفائهم من أخذ الماء. والأمير الحالي محمد يبقي فيها باستمرار ثلاثة رجال للهدف نفسه.
إن قبيلتي عبدة وتومان الشمّريتين الواقع مخيماهما في هذه المناطق هما اللتان تشربان من مياه تربة.
الأراضي المحيطة بتربة قاحلة بشكل رهيب. إنها صحراء حجرة تتخللها جزر رملية بسماكة سنتيمترين إلى ٣ سنتيمترات. والتربة التحتية خليط من الحصى والمرو وقطع الصوان والكلس المتراصة والتي تبدو متماسكة بملاط أبيض. هذه الصحراء الممتدة بعيدا إلى الشرق تحمل اسم الضبيب الكبير.
على بعد ١٢ ميلا إلى الشمال ـ الشرقي لتربة تقع آبار خضرا وعددها ١٤. وقد حفرت في الصخر ببساطة ولم تزين بأسوار ويبلغ عمقها من ١٥ إلى ١٦ مترا وقطرها متران.
المياه فيها مشوبة بالمرارة. وكانت هذه الآبار فيما مضى تعود خصيصا إلى عرب عبدة ، إنما اليوم تستطيع كل قبائل شمّر أن تشرب منها.