هذا فيكون فعله يوم السابع أفضل أفراد الواجب ، ولأجل ذلك أطلق عليه الاستحباب كما يقال : يستحب صلاة الفريضة في أول وقتها ، وعلى هذا فيكون الوجوب متعلقا بالولي فإن لم يفعل إلى أن بلغ الصبي أثم ، وتعلق الوجوب حينئذ بالصبي ، وبهذا القول صرح في التحرير ، انتهى.
أقول : ما ذكره جيد ، إلا أنه لا يتحتم حمل العبارة المذكورة عليه بحيث لا يمكن احتمال غيره ، إذ من الجائز أن يكون قوله «والختان واجب» وهو الذي أشار إليه بقوله «لإطلاق حكمه عليه بالوجوب» إنما هو بالنسبة إلى ما بعد البلوغ ، فإنه لما ذكر أولا أن الختان مستحب يوم السابع ولو أخر جاز ، وعلم منه استحباب الختان بعد الولادة وأن الفضل في اليوم السابع ذكر حكم الختان بعد البلوغ بقوله «ولو بلغ ولم يختن وجب عليه أن يختن نفسه» وقوله «والختان واجب» يعني بعد البلوغ.
وبالجملة فإن هذه الجملة متعلقة بما قبلها مما يدل على وجوبه بعد البلوغ ولا ارتباط لها بصدر العبارة الدالة على استحبابه بعد الولادة. وكيف كان فالظاهر هو القول المشهور ، فإن التمسك بالأصل أقوى متمسك حتى يقوم دليل واضح على الخروج عنه ، والأمر في الروايات المتقدمة غير ظاهر في الوجوب سيما بالنظر إلى تلك التعليلات التي اشتملت عليها تلك الأخبار ، فإنها بالحمل على الاستحباب أنسب كما وقع نحوه في غير هذه المسألة.
قال في المسالك (١) ـ في تعليل قول المشهور ـ : ووجه الثاني أن الختان شرط في صحة الصلاة ونحوها من العبادات ، فلا يجب إلا مع وجوب المشروط ، ولو سلم أنه واجب لنفسه فمتعلقه المكلف والأصل براءة ذمة الولي من فعله ، والأمر قبل البلوغ محمول على الاستحباب ، انتهى.
أقول : أما ما ذكره من أن الختان شرط في صحة الصلاة فلا يحضرني دليل يدل عليه ولا نص يوجب المصير إليه ، واستدل بعضهم على ذلك بنجاسة الجلدة
__________________
(١) مسالك الافهام ج ١ ص ٥٧٨.