وقد بنى هذه الدار العظيمة بمدينة بغداد عام ٣٨١ هـ. وحمل اليها كتب العلم من كل فن وسماها «دار العلم» وكان فيها اكثر من عشرة الاف مجلد. ووقف عليها الوقوف ، واكنت تضم مائة مصحف بخطوط بني مقلة (١).
ويقول ياقوت الحموي «لم تكن في الدنيا احسن كتباً منها كلها بخطوط الأئمة المعتبرة واصولها المحررة» (٢). وقد عمل لكتب هذه الدار فهرساً ، ورد النظر في امورها ومراعاتها والاحتياط عليها الى الشريفين ابي الحسين محمد بن الحسين بن ابي شيبة ، وابي عبد الله محمد بن احمد بن الحسين ، والقاضي ابي عبد الله الحسين بن هارون الضبي. وكلف الشيخ ابا بكر محمد بن موسى الخوارزمي فضل العناية بها (٣).
ويقول ابي كثير : ان دار العلم السابورية هي اول مدينة وقفت على الفقهاء ، وكانت قبل المدرسة النظامية بمدة طويلة (٤).
واصبحت ملتقى رجال الفكر والادب ، ومنتدى العلماء والباحثين ، يشدون اليها الرحال ، وقد تردد عليها الشاعر الكبير ابو العلاء المعري (٣٦٣ ـ ٤٤٩ هـ) اثناء مكوثه ببغداد ، وقد آثر الاقامة بها عام ٣٩٩ هـ ، وله فيها قصيدة معروفة منها (٥) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ ابن الجوزي ، المنتظم ، ٨ / ٢٢. السيوطي ، تاريخ الخلفاء ، ص ٤١٢.
٢ ـ ياقوت الحموي ، معجم البلدان ، ١ / ٧٩٩.
٣ ـ ابن الجوزي ، المنتظم ، ٧ / ١٧٢. ينظر كرد علي ، خطط الشام ، ٦ / ١٩٠.
٤ ـ ابن كثير ، البداية والنهاية. ١١ / ٣١٢.
٥ ـ ابو العلاء المعري ، شروح سقط الزند ، السفر الثاني ، القسم الثالث ، ص ١٢٣٩.