( اليوم أكملت لكم
دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) .
فلو أن النبي فارق الدنيا ولم ينصب الإمام
والخليفة من بعده ولم يبين كيفية انتقال منصب الإمام لنا في ذلك كمال الدين وتمام
النعمة ، لأن الإمام هو القائم مقام النبي ، والنبي هو أساس نظام الدين ونظام
الدنيا وهو محور كل تحرك.
وقد اكتشف الحكام ذلك ، فلم يصدف على الإطلاق
أن مات حاكم دون أن يعين عملياً الحاكم الخليفة الذي يليه ، وقالوا : ( إن هذا حق
مطلق لهم ) أنظر إلى قول ابن خلدون عن الخليفة :
( فهو وليهم والأمين عليهم ينظر لهم ،
ذلك في حياته ويتبع ذلك أن ينظر لهم بعد مماته ويقيم لهم من يتولى أمورهم كما كان
هو يتولاهم ويثقون بنظره لهم في ذلك ، كما وثقوا به في ما قبل ... ) .
فإذا لم يعين الخليفة القائم من يخلفه
من بعده لكان موضع لوم ، انظر بربك إلى قول عبد الله بن عمر لأبيه : ( يا أمير
المؤمنين استخلف على أمة محمد ، فإنه لو جاءك راعي إبلك أو غنمك وترك إبله أو غنمه
لا راعي لها للمته وقلت له : كيف تركت أمانتك ضائعة ، فكيف يا أمير المؤمنين بأمة
محمد ) .
ثم انظر قول عائشة أم المؤمنين لعبد
الله بن عمر : ( يا بني أبلغ عمر سلامي وقل له : لا تدع أمة محمد بلا راع ، استخلف
عليهم ولا تدعهم بعدك هملاً ، فإني أخشى عليهم الغشة ). فأتى عبد الله فأعلمه فقال
( ومن تأمرني أن أستخلف؟ ... الخ ) .
كل الخلفاء طوال التاريخ أدركوا بأن ترك
الخليفة القائم للأمة دون أن يعين من يخلفه ، عمل ينافي الحكمة ، ويفتح باب الفتنة
، ويعرض من يفعل ذلك اللوم ، كما
__________________