العقيدة عن العطاء ويحل غضب الله بالأمة ، ولا يزول إلّا بإعادة الأمور إلى نصابها ووضع القيادة التي كيفها الله وعيّنها. ومن الطبيعي أن الله لا يكره المريض على تناول العلاج ولا يجبر الضال على سلوك طريق الهدى ، فما على الله إلا أن يقدم العلاج ويرغب المريض فيه ، ويبين طريق الهدى للضال ويشجعه على السير فيه ، فإذا رفض المريض العلاج مع سبق الإصرار فهو المفرط بحق نفسه ، وإذا رفض الضال طريق الهدى فجنايته على نفسه وعلى الذين ساروا خلفه. وهذه حال الذين رفضوا العقائد الالهية ورفضوا موالاة الرسل ، أو كانوا على استعداد للنظر في العقائد الإلهية لكنهم غير مستعدين لموالاة الرسل.
أشكال رفض التكييف الإلهي
١ ـ الشكل الأول : القبول بالعقيدة الإلهية وعدم القبول بولاية القيادة السياسية كالايمان بنبي بني إسرائيل ورفض موالاة طالوت لأنه ليس الاحق بالقيادة حسب رأيهم ، فبين الله سبحانه وتعالى لهم أنه زاده بسطة في العلم والجسم ودعمه بالبينات فقبلوه مكرهين وانتهى الرفض إلى القبول.
٢ ـ الشكل الثاني : الإيمان بالعقيدة الالهية وعدم القبول بولاية القيادة السياسية من بعد النبي بتأويل مفاده أن الله لم يعين هذه القيادة إنما عينها النبي حسب اجتهاده كبشر ، وأنّه لا حرج من مخالفة هذا الاجتهاد واختبار شخص آخر بدلاً من الذي اختاره النبي ، لأن الذي اختاره النبي من بني هاشم ، والله قد اعطى الهاشميين النبوة والأفضل لمصلحة الجميع أن يهنأ الهاشميون بالنبوة وأن يتولى الخلافة غيرهم ، أضف إلى ذلك ان هذا الذي اختاره النبي به دعابة ، وعنده زهو بنفسه ، وما زال فتى ، وهنالك من هو أسن منه ، وهم مشيخة قريش. لكل هذه الأسباب آمنوا بالعقيدة الإلهية ورفضوا موالاة الرجل الذي كيفه الله وأعده رسوله وعينه خليفة من بعده. وهذا ما حدث لعلي بن أبي طالب.