معاملة الحكام للقرابة الطاهرة من الناحية السياسية
مشى عمر بن الخطاب رضياللهعنه في جماعة وأخرجوا علياً غير عادي غير عابئين ببكاء فاطمة الزهراء وجاء به إلى أبي بكر فقالوا له ( بايع ) فقال علي ( إن لم أفعل فمه؟ ) قالوا ( إذاً نضربُ عنقك ) قال علي ( تقتلون عبد الله وأخا رسوله؟ ) فقال عمر للخليفة أبي بكر ( ألا تأمر فيه بأمرك؟ ) فقال أبو بكر ( لا أكرهه على شيء ما كانت فاطمة إلى جانبه ) فلحق بقبر رسول الله يصيح ويبكي وينادي : ( يا ابن اُمِّ إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ) ونادت فاطمة بأعلى صوتها : ( يا أبت ، يا رسول الله ، ماذا لقينا بعدك من الخطّاب وابن أبي قحافة ).
وتخلف قومٌ عن بيعة أبي بكر ، وكانوا في بيت علي ، فبعث أبو بكر إليهم عمر فناداهم وهم في دار علي فأبوا أن يخرجوا ، فدعا بالخطب وقال : ( والذي نفس عمر بيده لتخرُجُنّ أو لأحرِّقنَّ الدار على من فيها ) ، فقيل : ( يا أبا حفص ان فيها فاطمة ) فقال : ( وان ) (١) وخرجوا ولم يحرق الفاروق بيت فاطمة ، وماتت فاطمة ودفنت ليلاً ، لأنها أوصت أن لا يصلي عليها أبو بكر. وبعد موتها بايع علي أبا بكر وأوصى أبو بكر لعمر ، وخلال حياتهما كانا يقدمان أهل البيت عند توزيع العطايا. فقد بدأ عمر بمحمد وآله ، ثم أبو بكر وآله ، ثم عمر وآله ، كما يروى البلاذري في فتوح البلدان ، وكانا يستشيران الإمام علي ويرجعان اليه (٢) وعصر أبي بكر وعمر في جانب من جوانبه عصر ذهبي لأهل البيت.
وجاء الأمويون فحاربوا علياً ، وسموا الحسن ، وقتلوا الحسين ، وأبادوا ابادة
__________________
(١) راجع الإمامة والسياسة لابن قتيبة ص ١٢ ، والعقد الفريد لابن عبد ربه المالكي ج ٤ ص ٢٥٩ و ٢٦٠ ، وشرح النهج لعلامة المعتزلة ابن أبي الحديد ج ١ ص ١٣٤ وج ٢ ص ١٩ ، وراجع تاريخ الطبري ج ٣ ص ٢٠٢ ، وراجع أنساب الأشراف للبلاذري ج ١ ص ٥٨٦ ، وملحق المراجعات تحقيق حسين راضي ص ٢٦١.
(٢) راجع الاستيعاب بهامش الإصابة ج ٣ ص ٣٩. وذخائر العقبي ص ٨١ و ٨٢ ، وتذكرة الخواص للجوزي الحنفي ص ١٤٤ ـ ١٤٨ ، وكفاية الطالب للكنجي الشافعي ص ١٩٢ ، والمناقب للخوارزمي ص ٣٨ .. الخ.