سبحان الله وتشكرونه على ما أعطاكم ، وتعلقون الأمر بمشيئة الله ، وتتوبون إليه من خبث نيّتكم ، فإن الله ينتقم من المجرمين ، ولكنهم لم يطيعوه.
ثم تذكروا قوله ، واعترفوا بالمعصية ، ونزّهوا الله عن أن يكون ظالما فيما فعل ، وإنما هم الظالمون أنفسهم في منعهم المساكين.
٧ ـ لام بعضهم بعضا في تدبير الخطة ، كشأن كل جماعة تخيب في أمرها ، فقال أحدهم لغيره : أنت أشرت علينا بهذا الرأي ، وقال الآخر : أنت خوّفتنا بالفقر ، وقال الثالث : أنت الذي رغبتني في جمع المال.
٨ ـ أكد أصحاب الجنة اعترافهم بالمعصية ، فقالوا : (يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ) أي عاصين بمنع حق الفقراء وترك الاستثناء ، وكان استثناؤهم تسبيحا كما قال مجاهد وغيره ، وهو في موضع : «إن شاء الله» لأن المعنى تنزيه الله عزوجل أن يكون شيء إلا بمشيئته. والخلاصة في رأي الأكثرين أن معنى قوله : (لَوْ لا تُسَبِّحُونَ) هلا تستثنون ، فتقولون : إن شاء الله.
٩ ـ أعلن أصحاب الجنة توبتهم وأخلصوا نيّتهم في رأي الأكثرين ، حين قالوا : (عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ) فإنهم تعاقدوا وتعاهدوا وقالوا : إن أبدلنا الله خيرا منها لنصنعن كما صنعت آباؤنا ، فدعوا الله وتضرعوا ، فأبدلهم الله ، من ليلتهم تلك ، ما هو خير منها. والإبدال : رفع الشيء ووضع آخر مكانه. قال مجاهد : إن هذه كانت توبة منهم ، فأبدلوا خيرا منها.
١٠ ـ هدد الله المكلفين من أهل مكة وغيرهم بقوله : (كَذلِكَ الْعَذابُ) أي عذاب الدنيا وهلاك الأموال ، والمعنى : مثلما فعلنا بهؤلاء أصحاب الجنة ، نفعل بمن تعدّى حدودنا في الدنيا. ثم خوّف تعالى الكفار بعذاب أشد وهو عذاب الآخرة في قوله : (وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ ، لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ).