ثم لما تأملوا وعلموا أنها جنتهم ، وأن الله سبحانه قد عاقبهم بإذهاب ما فيها من الثمر والزرع قالوا :
(بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) أي بل في الحقيقة والواقع حرمنا الله ثمر جنتنا ، بسبب عزمنا على منع المساكين وحرمانهم من خيرها ، فلا حظ لنا ولا نصيب ، ونحن نادمون على ما فعلنا ، كما أخبر تعالى فيما يأتي :
(قالَ أَوْسَطُهُمْ : أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ) أي قال أمثلهم وأعقلهم وأعدلهم وخيرهم رأيا وتدينا : هلا تسبّحون الله وتذكرونه وتشكرونه على ما أعطاكم وأنعم به عليكم ، وتستغفرون الله من فعلكم وتتوبون إليه من هذه النية التي عزمتم عليها.
ولما صدموا بالحقيقة المرة ذكروا الله واعترفوا بذنبهم قائلين :
(قالُوا : سُبْحانَ رَبِّنا ، إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) أي قالوا : تنزيها لله عن أن يكون ظالما فيما صنع بجنتنا ، فإنا كنا ظالمين أنفسنا في حرماننا المساكين حقوقهم. ولكنهم أتوا بالطاعة حيث لا تنفع ، وندموا واعترفوا حيث لا ينجع الندم.
ثم لام بعضهم بعضا كما قال تعالى :
(فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ) أي ثم أخذ بعضهم يلوم بعضا على ما كانوا أصروا عليه من منع المساكين من حق الجذاذ أي القطاف ، ولم يجدوا سبيلا إلا الاعتراف بالخطيئة والذنب ، والدعاء على أنفسهم بالهلاك ، فقال تعالى :
(قالُوا : يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ) أي قالوا : يا هلاكنا أقبل ، فإنا كنا معتدين متجاوزين الحد ، حتى أصابنا ما أصابنا.