وقدرته ، من خلق الإنسان على أطوار ، وخلق السموات السبع الطباق ، وتزيينها بالشمس والقمر ، وجعل الأرض ممهدة كالبساط.
التفسير والبيان :
ذكر الله تعالى أنواع الشكوى من نوح عليهالسلام على قومه ، فقال :
ـ (قالَ : رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً ، فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً) أي قال نوح مشتكيا إلى ربه عزوجل ما لقي من قومه وما صبر عليهم في مدة طويلة هي ألف سنة إلا خمسين عاما : إني دعوت قومي إلى ما أمرتني بأن أدعوهم إليه من الإيمان ، دعاء دائما متصلا في الليل والنهار ، من غير تقصير ، امتثالا لأمرك وابتغاء لطاعتك ، فلم يزدهم دعائي إلا فرارا عما دعوتهم إليه ، وبعدا عنه ، أي كلما دعوتهم ليقتربوا من الحق ، فرّوا منه ، وحادوا عنه. ثم ذكر أنهم عاملوه بأشياء :
ـ (وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ ، جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ ، وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ ، وَأَصَرُّوا ، وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً) أي وكلما دعوتهم إلى سبب المغفرة ، وهو الإيمان بك ، والطاعة لك ، سدّوا آذانهم برؤوس أصابعهم ، لئلا يسمعوا ما أدعوهم إليه ، وغطوا بثيابهم وجوههم لئلا يروني ، ولئلا يسمعوا كلامي ، واستمروا على الكفر والشرك العظيم ، واستكبروا عن قبول الحق استكبارا شديدا ، أي استنكفوا عن اتباع الحق والانقياد له.
ـ (ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً ، ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً) أي إنني نوّعت أساليب الدعوة ، فدعوتهم إلى الإيمان والطاعة جهرة بين الناس ، أي مجاهرا لهم بها ، ثم جمعت في الدعوة بين الإعلان بها والإسرار. والمراد بالآيات أنه كان لدعوته ثلاث مراتب :
بدأ بالمناصحة في السر ليلا ونهارا ، ففروا منه.