ومن تقيه السيئات يوم القيامة ، فقد رحمته من عذابك ، وأدخلته جنتك ، وهذا هو الفوز الساحق الأكبر الذي لا فوز أفضل منه.
وفائدة استغفار الملائكة للمؤمنين التائبين الصالحين الموعودين المغفرة وعدا لا خلف فيه : زيادة الكرامة والثواب.
فقه الحياة أو الأحكام :
يفهم من الآيات ما يأتي :
١ ـ أخبر الله تعالى عن الملائكة حملة العرش بثلاثة أشياء : التسبيح المقرون بالتحميد ، والإيمان الكامل بالله تعالى وحده لا شريك له ، والاستغفار للمؤمنين شفقة عليهم. ويلاحظ أنه قدم التسبيح والتحميد على الاستغفار ، لأن التعظيم لأمر الله مقدم على الشفقة على خلق الله.
والتسبيح : تنزيه الله تعالى عما لا يليق ، والتحميد : الاعتراف بأنه هو المنعم على الإطلاق ، والأول إشارة إلى الجلال ، والثاني إشارة إلى الإكرام ، كما قال تعالى : (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) [الرحمن ٥٥ / ٧٨].
والعرش أعظم المخلوقات ، نؤمن به ، وندع أمر وصفه لله عزوجل. لكن يجب تنزيه الله عن التحديد والتجسيم والتكييف والحصر في مكان معين.
٢ ـ احتج كثير من العلماء بهذه الآية : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ ..) في إثبات أن الملك أفضل من البشر ، لأن الملائكة لما فرغوا من الثناء على الله والتقديس ، اشتغلوا بالاستغفار لغيرهم ، وهم المؤمنون. وهذا يدل على أنهم مستغنون عن الاستغفار لأنفسهم ، وإلا لبدؤوا بأنفسهم قبل غيرهم ، بدليل قوله صلى الله عليه وآله وسلم : فيما رواه النسائي عن جابر «ابدأ بنفسك» وقوله تعالى لنبيه : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ ، وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) [محمد ٤٧ / ١٩] فأمر محمدا صلى الله عليه وآله وسلم أن يستغفر لنفسه ، ثم لغيره.