والحال أيضا أنه قد قضي بين العباد بالعدل ، فأدخل بعضهم الجنة ، وبعضهم النار ، ونطق المؤمنون والملائكة والكون أجمعه بالحمد والشكر لله ربّ العالمين من الإنس والجن ، في حكمه وعدله وقضائه بين المؤمنين وبين أهل النار بالحق المطلق الذي لا خطأ فيه.
وأبهم القائل وأطلق هنا كالسابق للدلالة على أن جميع المخلوقات شهدت له بالحمد. قال قتادة : افتتح الخلق بالحمد في قوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) [الأنعام ٦ / ١] ، واختتم بالحمد في قوله تبارك وتعالى : (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ ، وَقِيلَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).
ويلاحظ أن المؤمنين حمدوا ربّهم أولا على إنجاز وعده ووراثتهم أرض الجنة ، يتبوّءون منها حيث يشاءون ، وحمدوه ثانيا على القضاء بالحق ، والحكم بالعدل بين الناس جميعا.
فقه الحياة أو الأحكام :
أبانت الآيات ما يأتي :
١ ـ توفى كل نفس عملها ، فيساق الكافر إلى النار ، والمؤمن إلى الجنة.
٢ ـ يساق أهل النار إليها بسرعة وعنف ، إهانة لهم واحتقارا ، وهم حينذاك جماعات متفرقة بعضها إثر بعض ، وتفتح أبواب جهنم عند وصولهم إليها ، وتقول لهم سدنتها تقريعا وتوبيخا : ألم تأتكم الرسل من جنسكم لتبليغكم الكتب المنزلة عليكم ، وإنذاركم وتخويفكم لقاء وقتكم هذا؟
٣ ـ يجيب أهل النار : نقر ونعترف بقيام الحجة علينا بمجيء الرسل ، ولكن وجب العذاب على الكفار ، لقوله تعالى : (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) [هود ١١ / ١١٩].