(أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعاءَ) أي بل هل اتخذوا من دون الله آلهة شفعاء تشفع لهم عند الله؟ أي لا ينبغي لهم ذلك ، وردّ الله عليهم بقوله :
(قُلْ : أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ) أي قل لهم أيها النبي وأخبرهم : كيف تتخذون تلك الأصنام شفعاء لكم ، وهم لا يملكون شفاعة ولا غيرها ، ولا يعقلون شيئا من شفاعة أو غيرها ، ولا يدركون أنكم تعبدونهم؟
ثم أعلمهم الله تعالى بصفة جازمة عن ملكه بنفسه جميع أنواع الشفاعات قائلا : (قُلْ : لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً ، لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) أي إن الله تعالى هو مالك جميع أنواع الشفاعة ، وليس لأحد منها شيء ، ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن ارتضاه وأذن له ، كما قال : (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) [البقرة ٢ / ٢٥٥] وقال : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) [الأنبياء ٢١ / ٢٨].
والسبب أن الله تعالى هو مالك السموات والأرض ، وهو المتصرف في جميع شؤونها ، وإليه مصيركم بعد البعث. وعليه ، تجب العبادة لمالك النفع والضر في الدنيا ، ومالك الجزاء والحساب في الآخرة على جميع الأعمال. وفي هذا تهديد ووعيد بالاعتماد على من دون الله في أي شيء.
ثم ذكر الله تعالى بعض قبائح المشركين وغرائبهم ، فقال :
(وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ، وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) أي إن من سيئات المشركين الكبرى أنه إذا قيل لهم : لا إله إلا الله ، انقبضوا ونفروا واغتاظوا ، لأنهم لا يؤمنون بالله ولا بالبعث بعد الموت ، وإذا ذكر الذين من دونه ، أي الأصنام والأنداد ، أو الآلهة المزعومة ، كاللات والعزّى ومناة ، كما ورد في سورة النجم ، إذا هم يفرحون ويسرّون. ومدار المعنى على قوله : (وَحْدَهُ) أي إذا أفرد الله بالذكر ، ولم