فِي تَبابٍ) أي ومثل ذلك التزيين المفرط في الحماقة والبلادة والغباوة ، زيّن لفرعون الجبار سوء عمله وقبح صنعه ، من الشرك والتكذيب ، فتمادى في الغي ، واستمر على الطغيان ، أي زيّن له الشيطان عمله السيء ، فصده عن سبيل الهدى والرشاد ، وحجبه عن طريق الحق والعدل والسداد ، وما كان كيده واحتياله وعمله الذي يوهم به الناس إلا في خسار وضياع مال ، لذهاب نفقته سدى دون التوصل إلى شيء مما أراد.
والخلاصة : أن فعل فرعون وأمثاله صنيع المكذبين الضالين ، وأن عاقبة كفرهم وضلالهم وتكذيبهم الهلاك والخسران ، وأن تدبير فرعون الذي دبّره ليصرف الناس عن الإيمان بموسى عليهالسلام مبدّد ضائع لا فائدة فيه.
فقه الحياة أو الأحكام :
تدلّ هذه الآيات على نوع من التمويه والمكر والخداع الذي لجأ إليه فرعون ، لإنكار ألوهية الله ووجوده ، وتكذيب رسالة موسى عليهالسلام ، لما خاف أن يتمكن كلام الرجل المؤمن في قلوب القوم ، وقد أدرك قوة حجته ، وأصالة فكره ، وسلامة منطقه.
أوهم الناس أنه يمتحن ما جاء به موسى من التوحيد ، فإن نجح تحقق غرصه ، وإن خاب ثبّتهم على دينهم ، فأمر هامان ببناء الصّرح. ونحن نثق بوجود هذا الوزير في عهد فرعون ، وإن لم يعرف هذا الاسم في تاريخ الفراعنة ، لأن كلام الله تعالى حجة قطعية.
وأغلب المفسرين الظاهريين على أن فرعون قصد فعلا بناء الصرح ليصعد إلى السماء ، فيرى إله موسى إن كان موجودا ، وإلا أخبر قومه بعدم وجوده ، وأنه هو الإله والرّب الأعلى. واستبعد الرازي على فرعون الذكي الحاكم القوي لجوءه إلى