(كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) أي كما طبع الله على قلوب هؤلاء المجادلين المسرفين ، فكذلك يطبع ويختم على جميع قلوب المتكبرين الجبارين ، الذين يتكبرون على اتباع الحق ، ويتجبرون على الضعفاء بالإذلال والتسخير ، والإهانة والقتل بغير حق. قال الشعبي وغيره : لا يكون الإنسان جبارا حتى يقتل نفسين. وقال قتادة : آية الجبابرة القتل بغير حق. وقال مقاتل : (مُتَكَبِّرٍ) عن قبول التوحيد (جَبَّارٍ) في غير حق. فهو في الأول يعادي الله ، وفي الثاني يقسو على خلق الله.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على ما يأتي :
١ ـ لقد كان دفاع هذا الرجل المؤمن الصالح من آل فرعون في مجلس فرعون وسلطانه في غاية القوة والجرأة والعقل والمنطق.
٢ ـ لا مسوغ لإنسان مهما كان أن يعتدي على الحرية الدينية ويصادرها ، فكيف يصح أن يقتل رجل لا جرم له إلا أنه يقول : ربي الله؟
٣ ـ لا عذر للناس في تكذيب الرسل والكفر بهم بعد أن يأتوهم بالمعجزات الباهرات والأدلة الواضحات على صدقهم.
٤ ـ عجبا من مكذبي الرسل فإن منطقهم أعوج وتفكيرهم أخرق ، فإن الرسول إذا كان كاذبا فعليه وزر كذبه ولا يتضرر به من لا يتبعه ، وإن كان صادقا نفعهم صدقه ، وسلموا من الآفات وألوان العذاب الذي يهدد به.
وقد استخدم المؤمن هذا الأسلوب : (وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ ..) لا لشك منه في صحة رسالة موسى وصدقه ، ولكن تلطفا في الدفاع ، وبعدا عن الأذى ، وإظهار للتجرد والموضوعية.