ثم بيّن تعالى أضداد المذكورين قائلا :
(أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ ، أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ) أي أأنت مالك أمر الناس ، فمن وجب عليه العذاب لإعراضه وعناده ، فأنت تخلصه من النار؟ والمعنى : إنك لا تقدر على هدايته ، فتنقذه من عذاب النار. والآية تسلية لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ، لأنه كان حريصا على إيمان قومه ، فأعلمه الله أن من كان من أهل الضلالة والهلاك ، لا تستطيع هدايته.
ثم أعاد الله تعالى الإخبار عن جزاء المتقين السعداء للحض على التقوى ، فقال :
(لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ ، تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ، وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ الْمِيعادَ) أي لكن أولئك الذين اتقوا عذاب ربهم بأداء فرائضه واجتناب معاصيه ، لهم في الجنة غرف مبنية محكمة البناء ، وهي القصور الشاهقة ذات الطبقات المزخرفات العالية ، لأن الجنة درجات بعضها فوق بعض ، والنار دركات بعضها تحت بعض ، والجنة تجري فيها من تحت تلك الغرف أنهار عذبة الماء ، وفي ذلك كمال بهجتها وزيادة رونقها ، ثم أكد تعالى حسن هذا الجزاء ، فأخبر أنه وعد من الله وعده للمتقين المؤمنين ، ووعد الله حق ثابت ، لا ينقض ولا يخلف.
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى ما يأتي :
١ ـ أمر الله المؤمنين بأن يضموا إلى الإيمان التقوى : وهي امتثال المأمورات واجتناب المنهيات ، مما يدل على أن الإيمان وحده لا يكفي ، كما يدل على أن الإيمان يبقى مع المعصية.
٢ ـ للتقوى فوائد جلّى ، فللمتقين حسنة في الدنيا من صحة وعافية ونصر