(وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللهِ ، لَهُمُ الْبُشْرى) أي والذين أعرضوا عن عبادة الأصنام والشيطان ، وأقبلوا على عبادة الله معرضين عما سواه ، لهم البشارة العظمى بالثواب الجزيل ، وهو الجنة ، إما على ألسنة الرسل ، أو حين الموت أو عند البعث. وهي بشارة شاملة لمن نزلت الآية في حقهم ولغيرهم ممن اجتنب عبادة الأوثان ، لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، والآية كقوله تعالى : (لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) [يونس ١٠ / ٦٤].
والطاغوت (١) : يطلق على الواحد والجمع ، ويشمل عبادة الأوثان والشيطان ، لأن الشيطان هو الآمر بتلك العبادة والمزيّن لها ، فهو سبب الكفر والعصيان.
(فَبَشِّرْ عِبادِ ، الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) أي بشر بالجنة أيها الرسول عبادي المؤمنين الذين اجتنبوا عبادة الطاغوت ، والذين يستمعون القول الحق ، من كتاب الله وسنة رسوله ، فيفهمونه ، فيتبعون أحسن ما يؤمرون به ، فيعملون بما فيه ، كما قال تعالى لموسى عليهالسلام : (فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها) [الأعراف ٧ / ١٤٥].
وهذا مدح لهم بأنهم نقّاد في الدين يميزون بين الحسن والأحسن ، والفاضل والأفضل.
(أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ) أي هؤلاء المتصفون بهذه الصفة هم الذين وفقهم للصواب في الدنيا والآخرة ، وهم ذوو العقول الصحيحة والفطر المستقيمة.
__________________
(١) وقرئ : الطواغيت.