والمعنى الثالث (جعل الأنداد الشركاء لله) كما قال تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) [العاديات ١٠٠ / ٦].
لكل هذا هدد الله وأوعد ذلك الكافر المتناقض على ما فعل ، فقال :
(قُلْ : تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ) قل أيها الرسول لمن هذه حالته وطريقته ومسلكه : استمتع أيها الإنسان بكفرك تمتعا قليلا أو زمانا قليلا هو مدة أجلك ، فمتاع الدنيا قليل ، فإنك في الآخرة من أصحاب النار الخالدين فيها أبدا ، ومصيرك إليها عن قريب ، كقوله تعالى : (قُلْ : تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ) [إبراهيم ١٤ / ٣٠] وقوله سبحانه : (نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ، ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ) [لقمان ٣١ / ٢٤].
ثم ذكر الله تعالى أحوال المؤمنين القانتين الذين لا يعتمدون دائما إلا على ربهم ، فقال :
(أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ) أي أذلك الكافر أحسن حالا ومآلا ، أم المؤمن بالله ، الذي هو مطيع خاشع يصلي الله في ساعات الليل ، وخشوعه مستمر حال سجوده وحال قيامه ، يخاف الآخرة ، ويرجو رحمة ربه ، فيجمع بين الخوف والرجاء ، وتلك هي العبادة الكاملة ، التي يفوز بها صاحبها؟! الجواب واضح. قال أبو حيان : وفي الآية دليل على فضل قيام الليل وأنه أرجح من قيام النهار.
(قُلْ : هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) أي هل يستوي العلماء والجهال؟ إنما يتعظ بآيات الله ويتدبرها أهل العقول السليمة ، لا الجهلاء ، وإنما يعرف الفرق بين الصنفين العاقل ، لا الجاهل.
لا يستوي الفريقان ، فإن العالم الذي يدرك الحق ويعرف منهج