وكانت العوارض الصرفية عونا للأضداديّين على تكثير عدد الأضداد ، فمن ذلك أن يأتي فاعل ومعناه مفعول نحو سر كاتم ، وليل نائم ، وعيشة راضية ، وفي أضداد أبي بكر الأنباري :
«وخائف حرف من الأضداد يقال : رجل خائف إذا كان يخاف غيره ، وسيل خائف إذا كان مخوفا ، والعائذ حرف من الأضداد ، يكون الفاعل ويكون المفعول يقال : رجل عائذ بفلان بمعنى فاعل ويقال : ناقة عائذ أي حديثة النتاج ، وهي مفعولة لأنّ ولدها يعوذ بها».
ومن ذلك مفعول يكون على معنى فاعل ومنه في القرآن : (إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا) وفي القرآن أيضا : (وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً).
ومن ذلك ما جاء على فعيل ليؤدّي معنى فاعل ومفعول معا كالتبيع والسميع والصريخ والغريم.
ولاحظ الأضداديّون أنّ بالعربيّة أفعالا تشبه أن تكون معانيها متضادّة بسبب من اختلاف صيغها بالزيادة والتجريد من الزيادة ، وكان ذلك بالخصوص في صيغتي فعل وأفعل اللّتين جاءت منهما الأضداد التالية :
ترب : افتقر ، وأترب : استغنى ، وشكا إلى ما يجده فأشكيته أي أزلت شكواه ، وعذرته إذا رفعت عنه اللّوم فيما أتاه ، وأعذرت في الأمر إليه : حذّرته منه بما يقطع عنه العذر في فعله ، وقسط : جار ، وأقسط : عدل.
وفي صيغتي فعل وفعل ، وجاء منهما : قذيت العين : وقع فيها القذى ، وقذيتها : أزلته عنها ، وقرد البعير : تعلق به القراد ، وقردته : نزعته عنه ، ومرض إذا خرج عن حد الصّحة إلى العلّة ، ومرضته إذا تكفّلت بمداواته لإزالة مرضه.
وفي صيغتي فعل وتفعل وجاء منهما :
أثم : وقع في الإثم ، وتأثم : انكفّ عنه ، وحرج إذا وقع في الحرج ، وتحرج : تحفظ من الحرج ، وحاب : اكتسب الحوب وهو الإثم ، وتحوب : تجنب الحوب ، وهجد : نام باللّيل ، وتهجد : استيقظ فيه.
ولست مسترسلا في ذكر الأسباب التي نشأت عنها ظاهرة التضاد في العربية ، وأحيل المستزيد منها على الفصل الثّاني من الباب الأوّل (ص ٩٧ ـ ٢٤٣) من كتاب «الأضداد في اللّغة» تأليف الأستاذ العراقي محمّد حسين آل ياسين المطبوع في بغداد سنة ١٩٧٤ م فقد بسط القول فيها بما أوفى فيه على الغاية.
ويبلغ عدد الأضداد في العربيّة زهاء أربعمائة كلمة احتوتها بمقادير متفاوتة كتب الأضداد التي بلغ عددها زهاء ثلاثين كتابا فيما أحصاه الأستاذ محمّد حسين آل ياسين في كتابه السالف الذكر ، وقد اقتبست منه ما أعان على توثيقها والتعريف بها مخطوطة ومطبوعة ، وهذه فهرستها مرتّبة على أزمان مؤلّفيها متقدّما قبل متأخّر ، وسابقا قبل لاحق.
[١١٩٤]
الأضداد
لأبي علي محمد بن المستنير بن أحمد الملقب بقطرب والمتوفى سنة ٢٠٦ ه.
ذكره ابن النديم في الفهرست ، وأبو البركات الأنباري في النزهة ، وياقوت في الإرشاد ، والقفطي في الإنباه ، والخلكاني في الوفيات ، والسيوطي في البغية ، والداودي في طبقات المفسرين ، وأحمد بن مصطفى في مفتاح السعادة ، وخليفة في كشف الظنون ، وابن العماد في الشذرات ، وجرجي زيدان في تاريخ الآداب العربية ، والبغدادي في هدية العارفين ، وبروكلمان في تاريخ الأدب العربي ، والزركلي في الأعلام.
وهو أول كتاب ألّف في الأضداد ، وقد أوعى فيه قطرب مائتين وثلاث عشرة كلمة من الكلم المتضادة.
حققه المستشرق هانس كوفلر ، ونشره متنا وترجمة ألمانية في العدد الثالث من المجلد الخامس من مجلة إسلاميكا سنة ١٩٣١ م.
[١١٩٥]
الأضداد
لأبي زكرياء يحيى بن زياد بن عبد الله الديلمي