معاجم الأضداد
الأضداد جمع ضد ، وهو مصطلح أطلقه اللّغويّون على الألفاظ التي يكون الواحد منها دالا على معنى وعلى ضدّه المنافي له في الدلالة.
جاء في رسم الهمزة من كشف الظنون عند كلمة الأضداد ما نصّه :
«والضد في اللّغة يقع على معنيين متضادين ، والمراد هنا الألفاظ التي توقّعها العرب على [الألفاظ] المتضادّة ، فيكون الحرف منها مؤدّيا لمعنيين مختلفين بدلالة السياق ...».
ونمثّل لذلك بالكلم المتضادّة التالية :
يقال : بعت بمعنى أعطيت شيئي وأخذت العوض من مشتريه ، ويقال أيضا : بعت أي أخذت شيء غيري وأعطيته عوضه.
ومن ذلك الجلل يأتي بمعنى الكبير ، ويأتي بمعنى الحقير ، والجون للأبيض وللاسود معا.
ومنه الحميم للحار ، وللبارد أيضا.
والدخلل يكون الصديق المداخل ، وهو أيضا الذي يدخل نفسه بين قوم لا يكون على شاكلتهم فيكون حشوا فيهم.
ومن كلم الأضداد شعب بمعنى فرق ، وشعب بمعنى جمع ، قال علي بن الغدير الغنوي :
وإذا رأيت المرء يشعب أمره |
|
شعب العصا ويلج في العصيان |
فاعمد لما تعلو فمالك بالذي |
|
لا تستطيع من الأمور يدان |
فيشعب في قول الشاعر هذا معناه يفرّق بلا شك ، وقال ابن الدمينة :
وإن طبيبا يشعب القلب بعد ما |
|
تصدع من وجد بها لكذوب |
فأمّا يشعب في قول ابن الدمينة هذا فمعناه يجمع بلا ريب.
ومنها الظنّ يكون بمعنى الشك وهو الكثير ، ثم يكون بمعنى اليقين ، ومنه قوله تعالى : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ) وقوله عزّ وجلّ : (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ...) وقال جلّ شأنه : (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا ، حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ، وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ ، أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ ، ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
ولا يذهب وهم واهم ولا فكر عاقل إلى أنّ الله تعالى يمدح قوما بالشك في لقائه ، وأنّ ناسا من صحابة الرسول عليه السلام لا يتيقنون أنه لا ملجأ من الله إلّا إليه.
جاء في أضداد أبي بكر بن الأنباري :
«إنّما جاز أن يقع الظّن على الشك واليقين لأنّه قول بالقلب ، فإذا صحّت دلائل الحق وقامت أماراته كان يقينا ، وإذا قامت دلائل الشك وبطلت دلائل اليقين كان كذبا ، وإذا اعتدلت دلائل اليقين والشك كان على بابه شكا لا يقينا ولا كذبا».
ومن حروف الأضداد عفا الذي يأتي على معنى نقص أو زال ، ويأتي أيضا بمعنى زاد ونما ، وعزر يكون