ذكر الزمخشري في
خطبة أساسه الغرض الذي استنهضه لتأليفه فقال ما نصّه :
«لما أنزل الله
تعالى كتابه مختصا من بين الكتب السماوية بصفة البلاغة التي تقطعت عليها أعناق
العتاق السبق ، وونت عنها خطا الجياد القرح ، كان الموفق من العلماء الأعلام ،
أنصار ملة الإسلام ، الذابين عن بيضة الحنيفية البيضاء المبرهنين على ما كان من
العرب العرباء ، حين تحدوا به من الإعراض عن المعارضة بأسلات ألسنتهم ، والفزع إلى
المقارعة بأسنة أسلهم ، من كانت مطامح نظره ، ومطارح فكره ، الجهات التي توصل إلى
تبين مراسم البلغاء ، والعثور على مناظم الفصحاء ، والمخايرة بين متداولات ألفاظهم
، ومتعاورات أقوالهم ، والمعايرة بين ما انتقوا منها وانتخلوا ، وما انتفوا منها
فلم يتقبلوا ، وما استركوا واستنزلوا ، وما استفصحوا واستجزلوا ، والنظر فما كان
الناظر فيه على وجوه الإعجاز أوقف ، وبأسراره ولطائفه أعرف ، حتى يكون صدر يقينه
أثلج ، وسهم احتجاجه أفلج ، وحتى يقال : هو من علم البيان حظى ، وفهمه فيه جاحظي ،
وإلى هذا الصوب ذهب عبد الله الفقير إليه محمود بن عمر الزمخشري عفا الله عنه في
تصنيف كتاب أساس البلاغة.
وذكر حاجة
المستفيدين إلى مثله فقال :
«وهو كتاب لم تزل
نعام القلوب إليه زفافه ، ورياح الآمال حوله هفافة ، وعيون الأفاضل نحوه روامق ،
وألسنتهم بتمنيه نواطق».
ثم عرف بما أوعاه
فيه من المواد فقال :
«فليت له العربية
وما فصح من لغاتها ، وملح من بلاغتها ، وما سمع من الأعراب في بواديها ، ومن خطباء
الحلل في نواديها ، ومن قراضبة نجد في أكلائها ومراتعها ، ومن سماسرة تهامة في
أسواقها ومجامعها ، وما تراجزت به السقاة على أفواه قلبها ، وتساجعت به الرعاة على
شفاه علبها ، وما تقارضته شعراء قيس وتميم في ساعات المماتنة ، وما تزاملت به
سفراء ثقيف وهذيل في أيام المفاتنة ، وما طولع في بطون الكتب ومتون الدفاتر من
روائع ألفاظ مفتنة ، وجوامع كلم في أحشائها مجتنة».
ثم نوه بخصائص
أساسه فقال :
«ومن خصائص هذا
الكتاب تخير ما وقع في عبارات المبدعين ، وانطوى تحت استعمالات المفلقين ، من
التراكيب التي تملح وتحسن ، ولا تنقبض عنها الألسن».
«ومنها التوقيف ،
على منهاج التركيب والتأليف ، وتعريف مدارج الترتيب والترصيف ، بسوق الكلمات
متناسقة لا مرسلة بددا ، ومتناظمة لا طرائق قددا ، مع الاستكثار من نوابغ الكلم
الهادية إلى مراشد حر المنطق ، الدالة على ضالة المنطيق المفلق».
«ومنها تأسيس
قوانين فصل الخطاب والكلام الفصيح ، بإفراد المجاز عن الحقيقة والكناية عن التصريح».
وتومئ هذه النصوص
إلى أن الأساس أشبه بمعجم بلاغي منه بمعجم لغوي ولكننا تجوزنا في عده بين معاجم
اللغات.
*
مخطوطات الأساس
يوجد الأساس
مخطوطا بالقاهرة ، والرباط ، وو بنكيپور ، والاصفية ، وليدن ، وباريس ، وجهات
أخرى.
*
طبعات الأساس
طبع الأساس طبعته
الأولى في مطبعة مصطفى وهبي بالقاهرة عام ١٢٩٩ ه.
ثم طبع ثانية في
مطبعة محمد مصطفى بالقاهرة عام ١٣٢٧ ه.
وظهرت له طبعة
ثالثة في لكنو سنة ١٣١١ ه ورابعة بحيدرآباد سنة ١٣٢٤ ه.
ثم صدرت له طبعة
خامسة عن مطبعة دار الكتب المصرية سنة ١٣٤١ ه.
ثم خرجت له طبعة
سادسة سنة ١٩٥٣ م بتحقيق المرحوم عبد الرحيم محمود ومعها تقديم قيم بقلم المرحوم
الأستاذ أمين الخولي يعرف بقيمة الأساس ومزاياه التي انفرد بها بين سائر المعاجم
التراثية.