في المكتبات الخاصة هنا وهناك ، ويكون الإخبار عن بعضها إخلالا ، وعن جلها إطالة ، غير أني أحببت أن أخبر عن واحدة منها هي من مقتنيات المكتبة الملكية بالرباط خاصة ، وإنما خصصتها بالذكر وحدها لما جرى عليها من التحقيق الذي يعد أنموذجا في بابه.
قام على تحقيق هذه النسخة الوزير العالم الأديب الكاتب الشاعر المؤرخ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد الشهير بأكنسوس المتوفى سنة ١٢٩٤ ه عن اقتراح من الوزير محمد العربي الجامعي ، وكانت المقابلة في التحقيق على عدة نسخ منقحة ، وأعانه عليه نفر من ذوي الأهلية فيه ، وهم كانوا يجلسون إليه يوما بيوم على المواظبة من الشروق إلى الزوال ، وهم تمادوا فيه حولين كاملين حتى كان الفراغ منه في فاتحة عام ١٢٧١ ه.
وفي هذا الشأن يقول أكنسوس مخاطبا الوزير الجامعي من رسالة بتاريخ ٢٤ صفر من عام ١٢٧٩ ه بما نصّه : «شرعنا في السرد والمقابلة مع أربعة من نجباء أصحابنا وولدنا عبد الله ، نجلس من الشروق إلى الزوال ، ولا نزيد على ورقة واحدة من النسخة الكبيرة التي في سفر واحد بخط أدراق ، وأخبرنا سيدنا بذلك لئلا يستبطئ عملنا ويرى أننا تراخينا في الأمر ...».
وعند ما تم العمل في التصحيح كتب أكنسوس إلى الوزير يقول من رسالة أخرى رفعها إليه مع النسخة المصححة ما نصّه ببعض اختصار :
«أما بعد فليعلم الواقف عليه أن الله جلّ وعلا بفضله وإحسانه ، وعونه وامتنانه ، قد أكمل مقابلة هذا الكتاب المبارك والمبالغة في تصحيحه ، وتخليصه من آثار الغلط وتنقيحه ، في مواده وإعرابه ، وتبيين ما يحتاج إلى التبيين من عويصه وإغرابه ، وتحرى ما هو الصواب عند اختلاف الأصول وتعارضها ، ومراجعة مواده أو مواد غيره إن أمكن بذلك كشف غوامضها ، وإلا أثبتنا من النسخ في الهامش ما يحتمله المقام ، ولا تعتريه العلل المنافية والأسقام ، وذلك بعد إعداد المقدور عليه من النسخ العديدة ، القديمة المعتمدة والجديدة ، مع اجتناب القلق الموجب للملل ، واعتماد التأني البالغ في استقراء إصلاح الخلل ، حتى تخلص بحمد الله خلوص الإبريز ، وتهيأت قابليته للترصيع والتطريز ...».
ويعلمنا الباحث المحقق محمد المنوني في بحث قيم بعنوان : «نشاط الدراسات اللغوية في المغرب العلوي». منشور بمجلة «دعوة الحق» في العدد ٤ من سنتها ١١ عن هذه النسخة المحققة بما يأتي :
«من حسن الحظ أن هذه النسخة من القاموس لا تزال بقيد الوجود ، حيث تحتفظ بها المكتبة الملكية بالرباط تحت رقم ٨١١٨ في ثلاث مجلدات مختلفة الحجم ، وهي خالية من أية إشارة لقصة تصحيحها ، ولكنها مهمشة بخط أكنسوس المعروف ، كما يوجد على أول كل من المجلدات الثلاثة ملكية بخط العربي بن المختار الجامعي المقترح لهذا العمل ...».
* من طبعات القاموس
تعددت طبعات القاموس فدل ذلك على تقبله واعتماده واتساع تداوله.
نشره المستشرق الأنجليزي لمسدن في كلكتا برعاية كلية فورت وليام سنة ١٨١٧ م وكتب بين يديه مقدمة بالإنجليزية مع ترجمة لمؤلفه باللغة العربية.
وطبع في بولاق سنة ١٢٧٢ ه في جزأين ، وبها ثانية سنة ١٢٨٩ ه في أربعة أجزاء ، وبها أيضا ثالثة سنة ١٣٠١ ـ ١٣٠٣ ه.
وطبع بالمطبعة الحسينية بالقاهرة سنة ١٣١١ ه ، وبها أيضا عام ١٣٣٠ ه.
وبالخيرية سنة ١٣٠٦ ـ ١٣٠٧ ه.
وبالميمنية سنة ١٣١٩ ه.
وبالوهبية سنة ١٣٨٦ ه.
وعلى القاموس أعمال ستذكر بموضعها إن شاء الله.
[٩١١]
جامع اللغة
لحسام الدين محمد بن حسن بن علي الأدرنوي المتوفى سنة ٨٦٦ ه.