٣ ـ استدل أهل السنة بآية (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا ...) على أنه تعالى خالق الخير والشر ؛ لأن ذلك القول يدل على أن تلك العداوة من جعل الله ، وتلك العداوة كفر.
٤ ـ طلب كفار قريش أو اليهود حين رأوا نزول القرآن مفرقا أن ينزل على محمد جملة واحدة ، كما أنزلت التوراة على موسى ، والإنجيل على عيسى ، والزبور على داود. والتغاير في طريقة الإنزال له معنى وحكمة.
٥ ـ إن نزول القرآن مفرقا لتقوية قلب النبي صلىاللهعليهوسلم في تحمله ووعيه ؛ لأن الكتب المتقدمة أنزلت على أنبياء يكتبون ويقرءون ، والقرآن أنزل على نبي أمي ، ولأن من القرآن الناسخ والمنسوخ ، ومنه ما هو جواب لمن سأل عن أمور ، فتفريقه ليكون أوعى للنبي صلىاللهعليهوسلم ، وأيسر على العامل به ، فكان كلما نزل وحي جديد زاده قوة قلب. وقد ذكرت تلك الفوائد والحكم في أثناء التفسير للآية.
وقوله تعالى : (كَذلِكَ) إما من قول المشركين أي كالتوراة والإنجيل ، فيوقف على (ذلِكَ) ثم يبتدأ بقوله : (لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ) ويجوز الوقف على قوله : (جُمْلَةً واحِدَةً) ثم يبتدأ (كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ) أي أنزلناه عليك كذلك متفرقا لنثبت به فؤادك. قال ابن الأنباري : والوجه الأول أجود وأحسن ، والقول الثاني قد جاء به التفسير. وقال النحاس : والأولى أن يكون التمام (جُمْلَةً واحِدَةً) لأنه إذا وقف على (كَذلِكَ) صار المعنى كالتوراة والإنجيل والزبور ، ولم يتقدم لها ذكر. وهذا موافق لرسم القرآن.
٦ ـ نزل القرآن مرتلا مرسلا ، أي شيئا بعد شيء.
٧ ـ إن الله تعالى مؤيد رسوله وهاديه وناصره ، فلو نزل عليه القرآن جملة واحدة ، ثم سألوه عن أمر ، لم يكن عنده ما يجيب به ، فإذا كان مفرقا ثم سألوه أجاب بوحي من عند الله. قال النحاس : وكان ذلك من علامات النبوة ؛ لأنهم