(وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً وَنَصِيراً) أي وكفى بالله ربك هاديا لك إلى الحق ، وهاديا من اتبعك وآمن بكتابك وصدقك إلى مصالح الدين والدنيا ، وناصرك على أعدائك في الدنيا والآخرة.
وقد قرن الله تعالى بين الهداية والنصر ؛ لأن الأولى سبيل لتحقيق نصر المؤمنين على الكافرين ، وكان المشركون يصدون الناس عن اتباع القرآن لئلا يهتدي أحد بالرسولصلىاللهعليهوسلم ، ولتغلب طريقتهم طريقة القرآن ، وللحفاظ على قوة التفوق والغلبة ، وإبقاء ميزان القوى راجحا في صالحهم.
الشبهة الخامسة لمنكري نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم :
بعد بيان شكوى الرسول صلىاللهعليهوسلم قومه إلى ربه ، حكى الله تعالى شبهة أخرى للمشركين أهل مكة فقال :
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً) أي أضاف المشركون أهل مكة لطعنهم السابق في القرآن بأنه إفك مفترى وأنه أساطير الأولين ، أضافوا شبهة أخرى هي قولهم : إذا كنت تزعم أنك رسول من عند الله ، أفلا تأتينا بالقرآن جملة واحدة ، كما أنزلت التوراة جملة على موسى ، والإنجيل على عيسى ، والزبور على داود؟
ومعنى الآية : لو كان القرآن من عند الله حقا ، فهلا أنزل على محمد صلىاللهعليهوسلم جملة واحدة ، كما نزلت الكتب الإلهية المتقدمة.
فأجابهم الله تعالى عن ذلك بقوله :
(كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً) أي أنزلناه كذلك مفرقا ، وأتينا به شيئا بعد شيء وقرأناه على لسان جبريل في مدى ثلاث وعشرين سنة بحسب الوقائع والحوادث وما يحتاج إليه من الأحكام.