والظاهر من مذهب مالك : أن الدباغ لا يطهر جلد الميتة ، ولكن يبيح الانتفاع به في الأشياء اليابسة ، ولا يصلّى عليه ، ولا يؤكل فيه. وأكثر المدنيين وأكثر أهل الحجاز والعراق على إباحة ذلك وإجازته ، للحديث المتقدم : «أيما إهاب دبغ فقد طهر».
وذهب الإمام أحمد إلى أنه لا يجوز الانتفاع بجلود الميتة في شيء ، وإن دبغت ؛ لأنها كلحم الميتة ، واحتج بحديث عبد الله بن عكيم عند أبي داود : «ألا تستمتعوا من الميتة بإهاب ولا عصب». وخالفه بقية الأئمة لحديث شاة ميمونة : الذي رواه عنها أبو داود والنسائي «لو أخذتم إهابها؟ فقالوا : إنها ميتة ، فقال : يطهرها الماء والقرظ».
والمشهور عند المالكية أن جلد الخنزير لا يدخل في الحديث ، ولا يتناوله العموم ، وكذلك الكلب عند الشافعي والأوزاعي وأبي ثور : لا يطهر بالدباغ إلا جلد ما يؤكل لحمه. أما جلد الكلب وما لا يؤكل لحمه فغير معهود الانتفاع به ، فلا يطهر.
٣ ـ دلت الآية الثانية على نعمة الظل والظلال : وهو كل ما يستظل به من البيوت والشجر ، وعلى نعمة الأكنان جمع كنّ : وهو الحافظ من المطر والريح وغير ذلك ، وهي المغاور والكهوف في الجبال ، يأوي إليها الناس في البراري ، ويتحصنون بها من الأمطار والسيول والأعاصير وغير ذلك.
ودلت أيضا على نعمة السرابيل أي القمص ، والدروع التي تقي الناس في الحرب.
وفي قوله تعالى : (وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ) دليل على اتخاذ العباد عدّة الجهاد ، ليستعينوا بها على قتال الأعداء.
ودل آخر الآية : (كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ) على إكمال نعم الله وأفضاله بإتمام نعمة الدين والدنيا والآخرة.