ساحرة ، وقدّها يصف الهيف ، أي هي هيفاء. وكذبهم هو (أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى) عند الله ، أي الجنة ، لقوله تعالى حكاية عنهم : (وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى) [فصلت ٤١ / ٥٠]. (لا جَرَمَ) حقّا. (مُفْرَطُونَ) متركون فيها أو مقدّمون إليها ، معجّلون بهم إليها. وعلى قراءة كسر الراء : أي متجاوزون الحدّ.
المناسبة :
بعد أن بيّن الله تعالى أنّ كل ما سوى الله منقاد خاضع لجلاله وكبريائه وسلطانه ، أتبع ذلك بأمور ثلاثة :
أولها ـ النّهي عن الشّرك ، وأن كلّ ما سواه فهو ملكه ، وأنه غني عن الكلّ ، وأن الناس مذبذبون ، فإذا أصابهم الضّرّ تضرّعوا إلى الله تعالى ، وإذا كشفه عنهم ، عادوا إلى الكفر والشرك.
ثانيها ـ بيان قبائح أفعال المشركين ، بعد إيراد سخف أقوالهم وفسادها.
ثالثها ـ إمهال هؤلاء الكفار ، وحلم الله عليهم ، وعدم معاجلتهم بالعقوبة ، بالرّغم من عظيم كفرهم ، وقبيح أفعالهم ، إظهارا للفضل والرّحمة والكرم.
التفسير والبيان :
بما أنه ثبت في الآيات السالفة خضوع كل ما في الكون لله تعالى ، فذلك دليل قاطع على وحدانية الله ، لذا أخبر تعالى أنه لا إله إلا هو ، وأنه لا ينبغي العبادة إلا له وحده لا شريك له ، فإنه مالك كلّ شيء وخالقه وربّه ، فقال تعالى :
(وَقالَ اللهُ : لا تَتَّخِذُوا ..) أي وقال الله تعالى للناس : لا تتخذوا إلهين اثنين ، أي لا تتخذوا لي شريكا ، ولا تعبدوا سواي ، فمن عبد مع الله غيره فقد أشرك به ، إنما هو الله إله واحد ، ومعبود واحد ، فاتّقوني وخافوا عقابي بالإشراك وعبادة سواي.