فلما انهزم مع هوازن ، هرب إلى الشّام ، ليأتي من قيصر بجنود يحارب بهم رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، ومات بقنّسرين (بلد في شمال سوريا) وحيدا. وقيل : كان يجمع الجيوش يوم الأحزاب ، فلما انهزموا خرج إلى الشّام.
فذهاب أبي عامر إلى هرقل كان إما بعد يوم أحد ، أو بعد يوم حنين ، أو بعد يوم الأحزاب (الخندق) بحسب ما دلّت عليه الرّوايات.
وليحلفن هؤلاء المنافقون : ما أردنا ببنائه إلا الفعلة الحسنى ، وهي الرّفق بالمسلمين ، وتيسير صلاة الجماعة على أهل الضّعف والعجز ، وفي أثناء المطر ؛ ليصدقهم الرّسولصلىاللهعليهوسلم ، وليصلّي معهم فيه ، تغريرا لبقية المسلمين ، والله تعالى يعلم أنهم لكاذبون في أيمانهم وادّعائهم ، منافقون في أعمالهم ، وقد أطلع رسوله بذلك ، فمعنى قوله تعالى : (وَاللهُ يَشْهَدُ ..) : أنه يعلم خبث ضمائرهم وكذبهم فيما يحلفون عليه.
وبما أنهم بنوه للضّرر والإساءة نهى الله تعالى بوحيه إلى جبريل أن يصلّي فيه ؛ والأمّة تبع له في ذلك ، فقال : (لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً) أي لا تصلّي فيه أبدا ، وقد يعبر عن الصّلاة بالقيام ، يقال : فلان يقوم الليل ، ومنه الحديث الصحيح لدى البخاري : «من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدّم من ذنبه». ويلاحظ استعمال الظّرف (أَبَداً) الذي يستغرق الزمن المستقبل كله ؛ لاتّصاله بلا النافية ، فيفيد العموم.
ثم حثّه على الصّلاة في مسجد قباء لأمرين : الأول ـ أنه بني على التّقوى ، أي الذي أسس من أول يوم بنيانه على التّقوى وهي طاعة الله وطاعة رسوله ، وجمعا لكلمة المؤمنين ، ومعقلا وموئلا للإسلام وأهله ، فقال : (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى ...) أي إن المسجد المؤسس على التقوى ، تقوى الله ، بإخلاص