التفسير والبيان :
ومن المنافقين الذين ذكرناهم جماعة بنوا مسجد الضّرار بجوار مسجد قباء ، وكانوا اثني عشر رجلا من منافقي الأوس والخزرج ، لأسباب أربعة هي :
١ ـ مضارّة المؤمنين من أهل مسجد قباء الذي بناه النّبي صلىاللهعليهوسلم بمجرد وصوله إلى المدينة.
٢ ـ الكفر بالنّبي عليه الصّلاة والسّلام وبما جاء به ، وللطعن عليه وعلى الإسلام ، واتّخاذه مقرّا للكيد والتّآمر على المسلمين ، فصار مركز الفتنة ، وبيت النّفاق ، ومأوى المنافقين ، للتّهرّب من أداء الصّلاة. وهذا كفر ، لأن الكفر يطلق على الاعتقاد والعمل المنافيين للإيمان.
٣ ـ التّفريق بين المؤمنين الذين كانوا يصلّون خلف النّبي صلىاللهعليهوسلم في مسجد واحد ، فإذا صلّى فيه بعضهم ، حدثت الفرقة ، وبطلت الألفة ، وتفرّقت الكلمة. لذا كان الأصل أن يصلّي المسلمون في مسجد واحد ، ويكون تكثير المساجد لغير حاجة منافيا لأغراض الدّين وأهدافه.
٤ ـ الإرصاد ، أي التّرقب والانتظار لمجيء من حارب الله ورسوله إليه ، ويتّخذه مقرّا له ، ومكانا لقوم راصدين مستعدين للحرب معه ، وهم المنافقون الذين بنوا هذا المسجد.
والمقصود بمن حارب الله ورسوله كما ذكر في سبب النزول : هو أبو عامر الراهب من الخزرج ، والد حنظلة الذي غسلته الملائكة ، وسمّاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم : الفاسق ، وكان قد تنصّر في الجاهلية ، وترهّب وطلب العلم ، فلما خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم عاداه ، لأنه زالت رياسته ، وقال للرّسول صلىاللهعليهوسلم يوم أحد : «لا أجد قوما يقاتلونك إلا قاتلتك معهم» فلم يزل يقاتله إلى يوم حنين ،