(لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ) أي يصنعونه من ترك النهي عن ذلك كله.
سبب النزول : نزول الآية (٥٧) :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) : روى أبو الشيخ ابن حيان الأنصاري الأصفهاني (٢٧٤ ه) عن ابن عباس قال : كان رفاعة بن زيد بن التابوت وسويد بن الحارث قد أظهرا الإسلام ونافقا ، وكان رجل من المسلمين يوادهما ، فأنزل الله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ) إلى قوله : (بِما كانُوا يَكْتُمُونَ).
وبه قال : أتى النبي صلىاللهعليهوسلم نفر من يهود فيهم أبو ياسر بن أخطب ، ونافع بن أبي نافع ، وغازي بن عمرو ، فسألوه : فمن نؤمن به من الرسل؟ قال : أؤمن بالله : (وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ ، وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى ، وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ ، لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ ، وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) فلما ذكر عيسى جحدوا نبوته ، وقالوا : لا نؤمن بعيسى ، ولا بمن آمن به ، فأنزل الله فيهم : (قُلْ : يا أَهْلَ الْكِتابِ ، هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللهِ ، وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ ، وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ) الآية.
وفي رواية : فلما ذكر عيسى ، قالوا : لا نعلم دينا شرا من دينكم. وفي رواية عن ابن عباس : أن قوما من اليهود والمشركين ضحكوا من المسلمين وقت سجودهم ، فأنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا).
المناسبة :
نهى الله تعالى في الآيات السابقة عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء (حلفاء وأنصارا) من دونه ؛ لأن بعضهم أولياء بعض ، ثم كرر النهي هنا للتأكيد عن اتخاذ الكفار عامة أولياء ، لإيذائهم المؤمنين ومقاومتهم دينهم.