فقه الحياة أو الأحكام :
العبادة التي هي توحيد الله والتزام شرائع دينه لا تكون إلا لله الخالق الرازق ، وملازمة العبادة الخالصة لله مدعاة لغرس أصول التقوى لله عزوجل ، فلا يجرأ المتقون على مخالفة الأوامر ، واقتحام المعاصي.
وليس المراد بكون الأرض فراشا ، أي وطاء للافتراش والاستقرار عليها ، هو الفراش المعهود المستخدم للنوم ، فمن حلف لا ينام على فراش ، فنام على الأرض ، لا يحنث في رأي الحنفية والشافعية ، لأن اللفظ لا ينصرف إليها عرفا ، والأيمان محمولة على المعتاد المتعارف من الأسماء ، وليس في العادة إطلاق هذا اللفظ على الأرض. وأما المالكية فيحملون الأيمان على النية أو السبب أو بساط الحال التي جرت عليه اليمين (أي سبب اليمين) ، فإن عدم ذلك فالعرف ، فإن لم يكن شيء من ذلك فيحمل اليمين على مطلق اللفظ المراد في اللغة.
ودلت الآية على توحيد الله ، وإثبات الصانع الذي لا يشبهه شيء ، القادر الذي لا يعجزه شيء. ومن مظاهر قدرته رفع السماء ووقوفها بغير عمد نراه ، ودوامها على طول الدهر ، دون تبدل ولا تغير ، كما قال تعالى : (وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً ، وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ) [الأنبياء ٢١ / ٣٢] وكذلك ثبات الأرض ووقوفها على غير سند بالرغم من تحركها ، ودورانها في الفضاء ، من أعظم الدلالات على التوحيد ، وعلى قدرة خالقها ، وأنه لا يعجزه شيء ، وفي ذلك تنبيه على الاستدلال بها على الله وتذكير بالنعمة ، فقد أخرج الله من الأرض ألوانا من الثمرات ، وأنواعا من النبات ، طعاما للإنسان ، وعلفا للدواب ، وقد بين الله هذا في قوله تعالى : (أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا ، ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا ، فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا ، وَعِنَباً وَقَضْباً ، وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً ، وَحَدائِقَ غُلْباً ، وَفاكِهَةً وَأَبًّا)(١)(، مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ) [عبس ٨٠ / ٢٥ ـ ٣٢].
__________________
(١) القضب : علف رطب للدواب كالبرسيم ، والأب : الكلأ والعشب ، أو هو التبن خاصة.