والله محيط بجميع الكائنات وبالكافرين ، فلن يفلت من حسابه أو قدرته أو مشيئته أحد ، ولو شاء الله لأطلع المؤمنين على المنافقين ، فذهب منهم عز الإسلام بالاستيلاء عليهم وقتلهم وإخراجهم من بينهم. وهو سبحانه المتميز بالقدرة الشاملة لكل شيء ، فهو جل وعز قادر مقتدر قدير على كل ممكن يقبل الوجود والعدم ، ويجب على كل مكلف (بالغ عاقل) أن يعلم أن الله تعالى قادر ، له قدرة بها فعل ، ويفعل ما يشاء على وفق علمه واختياره ، ويجب عليه أيضا أن يعلم أن للعبد قدرة يكتسب بها ما أقدره الله تعالى عليه على مجرى العادة ، وأنه غير مستبد بقدرته.
هذه هي الآيات العشرون ، أربع منها في وصف المؤمنين ، وآيتان في وصف الكافرين ، وبقيتها في المنافقين (١).
الأمر بعبادة الله وحده والأسباب الموجبة لها
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢))
الإعراب :
(يا أَيُّهَا النَّاسُ) : يا حرف نداء ، وأي : اسم منادى مضموم ، وها للتنبيه ، وكثرة النداء في القرآن بهذا الأسلوب للتأكيد والمبالغة ، لأن كل ما نادى الله به عباده من أوامر ونواه وعظات من
__________________
(١) أسباب النزول للواحدي النيسابوري : ص ١١