النَّفْس النّاطقة ، وحينئذ تستعدُّ الجملة المركَّبة من المنيَين لقبول هذه النَّفْس. فلذلك إذا تمّ استعداد المنيَين لقبول النَّفْس النّاطقة أُفيضت عليهما ، ثمّ يفوَّض إليها تدبير تلك المادّة. وهذه النَّفْس لها أفعال وإدراكات تَرومها وتطلبها ، وذلك إنّما يَتَّزِن حين يكون لها بدَن مركَّب من أعضاء ، فهى لا محالة تشرع من أوّل فيضانها على المنىّ فى تخلِيقه وإحالته إلى جواهر الأرواح والأعضاء ونحوهما ، بأنْ تجتهد فى زيادته وتنميته بالغذاء لصِغَر جِرْمِه فى ذلك. والغذاء هو الدّمُ والجاذِبُ له الى المنىّ القوَّةَ الجاذبةَ المُفاضَةَ عن النَّفْس النّاطقة. وإذا نما وزاد جِرْمُه أمكن أنْ يتكوّن منه بَدَنٌ. وحينئذ تفيض عليه النّفسْ المذكورةُ قوّةَ التَّصَوُّرِ.
وأوّل شىء يتكوّن منه ـ حينئذ ـ هو الرُّوح ، لأنّه يتكوّن من الأجزاء البُخاريّة المنَويّة إذا اختلطتْ بالأجزاء الهوائيّة المنجذبة الى باطن الرّحم لتعديل سُخونته. وإذا تكوَّن ذلك الرّوح فمحالٌ أنْ يُترك منبثّا فى فضاء الرَّحم ، بل لا بدّ أنْ يُحفظ فى مكان فى باطن المنىّ ، وحينئذ احتاج الى تَجويف ، وذلك التّجويف إذا تكاثف وصَلُب كان هو القَلْب ، ولذلك فأوّل عضو يتخلَّق هو تجويف القَلْب.
والرُّوح فى قوله تعالى : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ) (٦٦) قال عبدالله بن عبّاس : هو مَلَك فى السّماء.
والرَّوْح : الرّاحة ، من الاستراحة. والفرح والسّرور والرّحمة : (وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ) (٦٧) من رحمته.
والرَّوْح : بَرْدُ نَسيم الرِّيْح.
والرَّوَح : اتّساح ما بين الفَخِذَين.