معاً ، ولا أعْرِفُ له وجهاً.
واعْلَمْ أنّ أفضل المياهِ مياهُ الأنهارِ الجارية على تُرْبَةٍ نقيّة فيتخلّص من الشّوائب ، أو على حجارة فيكون أبعدَ عن قبول العُفُونَة.
وتفضّل مياه الأنهار الجارية الى الشّرق والى الشّمال أو المنحدِرة الى أسفل مع بُعدِ المنبَع وسُرعة الجرى ، فإنّ كان مع هذا خفيفَ الوزن يخيّل لشاربه أنه حلوٌ ولا يحتمِل الشّرب منه إلّا قليلا فذلك هو البالغ.
وماءُ العَين لا يخلو عن غِلَظٍ ، وأردأ منه ماء البئر ، وماء النَّزّ أكثر رَداءة ومَضرّة.
واعْلَمْ أنّه ينبغى أنْ يُسْتَعْمَل الماء بعد شُروع الغذاء فى الهضْم ، وأمّا عَقِبَه فَيُفَجِّج ، وفى خلاله أردأ وأدعى للمرض. على أنّ من النّاس مَنْ ينتفع بذلك وهو الحارّ المعدةِ. ومن النّاس مَن تكون شهوتُه للطّعام ضعيفةً فإذا شربَ الماءَ قويَتْ ، وذلك لتعديل حرارة المعدة.
وأمّا الشّرب على الرّيق وعُقَيْبَ الحركة ، وبخاصّة بعد الجماع ، وعلى الفاكهة وبخاصّة البطيخ ، فردىءٌ جدّاً. فإنّ لم يكنْ بُدّ فقليل يمتّص امتصاصاً.
وكثيراً ما يكون العطش عن بلغم لزج أو مِلْحٍ ، وكلّما رُوْعىَ (رَوِيَ) بالشّرب ازدادَ ، فإنْ صُبِرَ عليه أنْضَجَت الطّبيعةُ الأخلاطَ المعطِّشةَ وأذابتْها ، فيسكن العطش من ذاته ، ولذلك فكثيراً ما يُسَكَّنُ العطش بالأشياء الحارّة كالعَسَل.
وفى شُرب الماء عند الانتباه ليلاً تفصيلٌ ، فإنّ المحرورَ الجافَّ المعدةِ ، ومَنْ تعشَّى وأكل طعاما مالحاً ، فله أن يَشْرَبَ عند انتباهته من نومه ، وأمّا رطبو المِعَد وأصحابُ البلغم المالِح ، فلا يصِحّ أن يفعلوا ذلك لأنّه يُدْخِلُ على أنفسهم مَنْعَ الشّفاء من رُطوبات مَعِدِهم ، وتكاثُر البلغم عليهم.