علم الأسرار وهو علم الرأس وعلم الأجداء ، وهو علم القوائم وعلم الاعتداء وعلم الذات ، قال الله سبحانه وتعالى : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) [١ / الإسراء : ١٧] وقوله تعالى : (فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) [١٩٤ / البقرة : ٢)]. وأخذ الطوفان رجز الشيطان ، قال الله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ) [١٤ / العنكبوت : ٢٩].
فأزال [نوح] ظواهر الشياطين وخرّب بيوتهم وحصونهم وهو المعنى بالرجز ، وبقي رجس الشيطان ، وأراد الله تعالى أن يطهّر أهل البيت من الرجس أيضا ، قال الله : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) [٣٣ / الأحزاب : ٣٣].
وقد ذكرنا أن صورة الرجس في الجمود والجحود ، وهي حجاب على صورة الخلود ، وأراد الله تعالى أن يطهّر أهل البيت من الرجس حتى يطهّر سرح السراج ، ورهط الأسرار والمعراج.
[و] أعلم أن أهل البيت أهل ألف مدينة مشحونة بنبإ التوحيد ونور العقل وعيش اليقظ في صورة سرّ التسخير والتمليك. والبيت الذي هو من تسعة وجودات وهي وجودات النبيّ صلىاللهعليهوسلم والأهل ما ظهر إلا بواسطة أهل البيت والأنبياء والأولياء (١) ، ولله تعالى بيتان (٢) بيت من أربعة وجودات ، وبيت من تسعة وجودات فالبيت [الذي] من الوجود الأربع بيت إبراهيم الخليل وهو المسجد الأقصى [و] لهذا المعنى قال تعالى : (رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) [٧٣ / هود : ١١].
والبيت الذي هو من الموجودات التسعة بيت الأنبياء وخواصّ الأولياء وأزواج النبيّ صلىاللهعليهوسلم عكس لهذا المعنى قال : «ويطهّركم تطهيرا». بلفظ التذكير ، وقال تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ) بلفظ التذكير أيضا ، ويكون الأول طهارة البيت ثم طهارة أهله.
وقد ذكرنا أن أهله أهل ألف مدينة ، كل مدينة بدأ من معنى باسم من أسماء الله
__________________
(١) هذا هو الظاهر ، وفي أصلي : «إلّا بواسطة البيت وأهل البيت الأنبياء والأولياء».
(٢) هذا هو الظاهر ، وفي أصلي : «والله تعالى تبيان».