__________________
ـ بعلل الحوادث وتناسبها بمعلولاتها!!
مع اشتمال بعض رواياتهم على ما يستنكره كل غيور ، ويستقبحه كل ذي دين ويستبشعه كل من له أدنى مروءة وإنسانية!!!
وكيف كان فلا ريب عند ذوي البصائر النافذة ، وأصحاب الفطرة السليمة والإحساسات المستقيمة أن تحقّق مثل هذا الأمر ـ الغير العادي ـ اختيارا ، ووقوع مثل هذه القضية الغير الطبيعية في عالم الخارج بالطوع والرغبة يستلزم أمورا مستحيلة وتوالي فاسدة باطلة ، وما يستلزم الباطل باطل ، فوقوع هذا الأمر بالطوع باطل ، وتحققه في عالم الخارج بالرغبة والاختيار مستحيل وعاطل!!!
أمّا كون هذا الأمر غير عادي وأن تحقّقه وبروزه في عالم الخارج يكون على خلاف المجاري الطبيعية والموازين الاعتيادية ، فواضح بعد الالتفات والانتباه إلى مقدار عمر أم كلثوم وسنيّ حياتها سلام الله عليها ، وكمّية سنّ عمر بن الخطاب حين أقدم على هذا التدليس وخطب أم كلثوم!
أما أم كلثوم سلام الله عليها فإنّها كانت صغيرة جدّا باعتراف القوم وصريح أخبارهم الناطقة باعتذار عليّ عليهالسلام بأنها صغيرة ، وبدليل عدم إقدام أحد على خطبتها قبل عمر ، مع أنها كانت غاية آمال جميع المسلمين ، وكانوا يتهافتون على مثل هذا الأمر ، كما تهافتوا وتسابقوا قبل إلى خطبة أمّها فاطمة صلوات الله عليها ، فخيّب الله آمالهم فرجعوا آيسين خاسئين.
وكانت أم كلثوم صغرى بنات فاطمة صلوات الله عليهما ، وكانت من مواليد السنة الثامنة أو العاشرة أو قبيلهما أو بعيدهما بقليل ، وكان أقصى عمرها حين هذه الخطبة التخديعية ثلاثة عشر سنة وأدناه عشر سنوات.
وأمّا ابن الخطّاب فإنّه كان حينئذ ابن بضع وستين سنة ، فإنه عاش مع المشركين من زملائه بخدمة الأصنام قريبا من أربعين سنة ، وعاش بعد إظهاره الإسلام مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قريبا من عشرين سنة ، وعاش بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم اثني عشر عاما.
فقد تبيّن بهذه المقدّمة أنّه بحسب العادة والغرائز الطبيعية والميولات الأولية الإنسانية ، لا صلة بين طفلة في سنّ ثلاثة عشر سنة أو دونها ، وبين شيخ في سنّ ستين سنة أو بعده بحيث يكون رؤيته ملازمة لرؤية الكفن والدفن وإقامة المأتم عليه وتقسيم تركته والفكرة في حال أهله وأولاده!!!
نعم قد يحدث مثل هذا الأمر في الخارج لأمور غير اعتيادية وعلل غير سارية على الاستقامة والفطرة الله التي فطر الله الناس عليها وهي محصورة في أمور :
الأول : رزالة البنت وكونها خلقا وخلقة متخلّفة ومنحطّة عن أقرانها من البنات وما أودع الله فيهنّ من الخلقة والصفات.
الثاني : كونها معمّرة بحيث لا يرغب فيها الشباب والفتيان.
الثالث : عدم وجود شابّ كفرها يتزوّج بها.
الرابع : الطمع في المال والمنزلة وحيازة زخارف الدنيا والتصدّي للتمتّع بالدنيا وادّخار متاعها.
الخامس : اكتساب الشرف من الزوج ، والترفّع وعلوّ المنزلة به ، والخروج من الخمول والرزالة إلى انتشار الصيت والمكانة.
السادس : السفه والحمق وعدم التمييز بين الضّار والنافع والصلاح والفساد.
السابع : الظلم ومكابرة وليّ البنت أو من بيده اختياره أو معاندة الأنثى لعقلها بالزواج لغير تربها.
والعلل المذكورة كلها كانت مفقودة في قصّة الزواج المزعوم بين أمّ كلثوم صلوات الله عليها وابن الخطاب ، فلا يمكن في هذه القضية أن يعدل عليّ عليهالسلام بالطوع والرغبة عن المجاري الطبيعية ، فالعدول عنها في الفرض منتف فتحقّق هذا الزواج منتف. ـ