وطرن بإذن الله تعالى (١). فإن كنت صادقا فيما توهم فأحي هاتين الصورتين (٢) وسلّطهما عليّ فإنّ ذلك يكون حينئذ آية معجزة ، فأما المطر المعتاد فلست أنت أحقّ بأن يكون جاء بدعوتك من غيرك الذي دعا كما دعوت!!!
وكان الحاجب أشار إلى أسدين مصوّرين على مسند المأمون الذي كان مستندا إليه [وكانا متقابلين على المسند] (٣).
فغضب عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام وصاح بالصورتين : دونكما الفاجر فافترساه ولا تبقيا له عينا ولا أثرا.
فوثب الصورتان ـ وقد عادتا أسدين (٤) ـ فتناولا الحاجب [و] رضّضا [ه] وتهشّماه وأكلاه ولحسا دمه (٥) والقوم ينظرون متحيّرين مما يبصرون. فلمّا فرغا منه أقبلا على الرضا عليهالسلام فقالا : يا وليّ الله في أرضه ما ذا تأمرنا أن نفعل بهذا؟ ـ ويشيران إلى المأمون ـ فغشي على المأمون مما سمع منهما ، فقال الرضا : قفا. فوقفا. ثم قال [الرضا] : صبّوا عليه ماء ورد وطيّبوه. ففعل ذلك به ، وعاد الأسدان يقولان : أتأذن لنا أن نلحقه بصاحبه الذي أفنيناه؟ قال : لا فإن لله تعالى تدبيرا هو ممضيه. فقالا : بما ذا تأمرنا؟ قال : عودا إلى مقرّكما [كما] كنتما. فعادا إلى المسند وصارا صورتين كما كانتا.
فقال المأمون : الحمد لله الذي كفاني شرّ حميد بن مهران ـ يعني الرجل المفترس ـ ثمّ قال للرضا عليهالسلام : هذا الأمر لجدّكم صلىاللهعليهوسلم ثمّ لكم فلو شئت لنزلت لك عنه (٦).
__________________
(١) ولعلّ هذا هو الصواب ، وفي أصليّ : «فأتته سعيا على الرءوس وخفض ...». وفي عيون الأخبار : «فأتينه سعيا وتركبن على الرءوس وخففن وطرن ...».
(٢) هذا هو الصواب ، وفي كتاب عيون الأخبار : «فإن كنت صادقا فيما توهم فأحي هذين وسلّطهما عليّ ...».
وفي أصليّ من فرائد السمطين هاهنا تصحيف.
(٣) كذا في عيون الأخبار ، وما بين المعقوفين أيضا منه ، وفي نسخة السيد علي نقي : «الذي كان مستبطرا إليه». وفي نسخة طهران : «مسندا إليه».
(٤) كذا في عيون الأخبار ، وفي أصليّ : «وقد دعا باسداين ...».
(٥) وفي كتاب عيون الأخبار : («وهشماه ...».
(٦) حرف الفاء في قوله : «فلو» مأخوذ من كتاب عيون الأخبار ، وهذا لفظه :
ثم قال للرضا ـ عليهالسلام ـ يا ابن رسول الله هذا الأمر لجدّكم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثم لكم فلو شئت لنزلت عنه لك؟! فقال الرضا ـ عليهالسلام ـ : لو شئت لما ناظرتك ولم أسألك ، فإن الله تعالى قد أعطاني من طاعة سائر خلقه مثل ما رأيت من طاعة هاتين الصورتين إلا جهال بني آدم فإنهم وإن خسروا حظوظهم فلله عزوجل فيه تدبير ، وقد أمرني بترك الاعتراض عليك وإظهار ما أظهرته من العمل من تحت يدك كما أمر يوسف بالعمل من تحت يد فرعون مصر.