ويقولون للعَطشان : لَهْبَان ، وهذا على جهة الاستعارة ، كأنَّ حرارةَ جوفه تَلتهب. ويقولون : اللهَب : الغُبار السَّاطع. فإن صحَّ فاستعارةٌ أيضا. ويقال : فَرَسٌ مُلْهِبٌ ، إذا أثارَ الغبار. وللفرس أُلْهُوب ، اشتقَّ كلُّ هذا من الأوّل.
قال امرؤ القيس :
فللزَّجْرِ أُلهوبٌ وللسّاقِ دِرَّةٌ |
|
وللسَّوط منه وَقْعُ أخْرَجَ مُهْذِبِ (١) |
واللهَب واللُّهاب : اشتعال النّار ، ويستعمل اللُّهاب في العَطَش ، فأمَّا اللِّهب ، وهو المَضِيق بين الجَبَلَين فليس من هذا ، وأصله الصَّاد ، وإنَّما هو لِصْب ، فأُبدلت الصاد هاءَ. وبنو لِهْبٍ : بطنٌ من العرب.
لهث اللام والهاء والثاء كلمةٌ واحدة ، وهي أنْ يَدْلَعَ الكلبُ لسانَه من العطش. قال الله تعالى : (إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ). واللُّهَاث : حَرُّ العطَش. وهذا إنَّما هو مقيسٌ على ما ذكرناه من شأن الكلب.
لهج اللام والهاء والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على المثابَرَة على الشَّيء وملازمتِه ، وأصلٌ آخرُ يدلُّ على اختلاطٍ في أمرٍ.
يقال : لَهِجَ بالشَّيء ، إذا أُغرِيَ به وثابَرَ عليه ، وهو لَهِجٌ. والمُلْهِج : الذي لَهِجتْ فِصالُه برَضَاعِ أُمَّهاتِها فيَصْنَعُ لذلك أخِلّةً يشدُّها في خِلْفِ
__________________
(١) ديوان امرئ القيس ٨٥ واللسان (لهب).