باب اللام والهاء وما يثلثهما
لهو اللام والهاء والحرف المعتلّ أصلانِ صحيحان : أحدهما يدلُّ على شُغْل عن شَيء بشيء ، والآخر على نَبْذِ شيءٍ من اليد.
فالأوَّل اللهْو ، وهو كلُّ شيءٍ شَغَلَك عن شيء ، فقد ألْهَاك. ولَهَوتُ من اللهْو.
ولَهِيتُ عن الشَّيء ، إذا تركتَه لِغيره. والقياسُ واحدٌ وإنْ تَغيَّر اللفظُ أدنَى تغيُّر. ويقولون : إذا استأثَرَ الله تعالى بشيءٍ ، فالْهَ عنهُ ، أي اتركْهُ ولا تشتغل به. وفي الحديث في البَلَل بعد الوُضوء : «الْهَ عنه». وكان ابنُ الزُّبَيرِ إذا سمِعَ صوتَ الرّعد لَهِيَ عن الحديث الذي يقول. : تَرَكَه وأعرَضَ عنه. وقد يُكنَى باللهو عن غيره. قال الله تعالى : (لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً) : وقال الْحَسن وقَتادةُ : أراد باللهو المرأة. وقال قومٌ : أراد به الولد.
وأمَّا الأصل الآخَر فاللُّهْوة ، وهو ما يَطرحه الطّاحِن في ثُقْبَة الرَّحَى بيده ؛ والجمع لُهًى ، وبذلك سمِّي العَطاء لُهْوَة فقيل : هو كثير اللُّهَى. فأمَّا اللهاة فهي أقصى الفمِ ، كأنَّها شُبِّهَت بثُقْبةِ الرَّحَى ، وسمِّيت لَهاةً لما يُلَقى فيها من الطَّعام.
لهب اللام والهاء والباء أصلٌ صحيح ، وهو ارتفاعُ لسان النّار ، ثم يقاسُ عليه ما يقاربه. من ذلك اللهَب : لَهَب النَّار. تقول : التَهَبَت التهابًا. وكلُّ شيءٍ ارتفع ضوؤُه ولَمَع لمعاناً شديداً فإنّه يقال فيه ذلك. قال :
رأيت مَهابةً وليوثَ غابٍ |
|
وتاجَ الملك يلتهبُ التهابا |