الخليل : وكان العجّاجُ يرمُّ رَحْلَه (١) لسفرٍ أرادَه ، فقالت امرأتُه : ما [هذا] الذى ترُمُ (٢)؟ فقال :
جارِىَ لا تستنكرى عَذِيرى (٣)
يريد : لا تُنكرِى ما أحاول. ثم فَسَّر فى بيتٍ آخر فقال :
سيرى وإشفاقى على بعيرى (٤)
وتقول : اعتذر يَعتذِر اعتذاراً وعِذْرة من ذنبه فعذرْتُه. والمَعذِرة الاسم. قال الله سبحانه : (قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ)(٥). وأعذَر فلانٌ ، إذا أبْلَى عُذْراً فلم يُلَمْ. ومن هذا الباب قولهم : عذَّر الرّجلُ تعذيراً ، إذا لم يبالِغْ فى الأمر وهو يريكَ أنّه مبالغٌ فيه. وفى القرآن: (وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ (مِنَ الْأَعْرابِ) ويقرأ : المُعْذِرُون (٦). قال أهل العربيّة : المُعْذِرون بالتخفيف هم الذين لهم العُذْر ؛ والْمُعَذِّرُونَ : الذين لا عُذْرَ لهم ولكنَّهم يتكلَّفون عُذرا. وقولهم للمقصِّر فى الأمر : مُعَذِّر ، وهو عندنا من العُذْر أيضاً ، لأنّه يقصِّر فى الأمر مُعوِّلا على العُذْر الذى لا يريد يتكلف (٧).
__________________
(١) فى الأصل : «يروم رحلة» ، صوابه مقتبس من اللسان ، ففيه : «فكان يرم رحل ناقته لسفره» ، أى يصلحه.
(٢) فى الأصل : «تروم» ، صوابه والتكملة التى قبله من اللسان (عذر).
(٣) ديوان العجاج ٢٦ ، وهو مطلع أرجوزة له. وأنشده كذلك فى المجمل واللسان (عذر).
(٤) فى الديوان : «سعي وإشقاقى» ، وقد نبه عليها فى اللسان.
(٥) (مَعْذِرَةً) بالنصب ، قراءة حفص ، نصب على المفعول من أجله ، أو على المصدر ، أو على المفعول به لأن المعذرة تتضمن كلاما ، وحينئذ تنصب بالقول ، كقلت خطبة. وقد وافقه فى هذه القراءة اليزيدى مخالفاً أبا عمرو. وباقى القراء على الرفع على الخبرية ، أى هذه معذرة ، أو موعظتنا معذرة. إتحاف فضلاء البشر ٢٣٢.
(٦) هذه قراءة يعقوب ، ووافقه الشنبوذى. والباقون بفتح العين وتشديد الذال المكسورة. إتحاف فضلاء البشر ٢٤٤.
(٧) كذا وردت هذه العبارة.