ثم رأيت ابن سعد قال في طبقاته ، أنا الواقدي ، ثنا عبد الله بن عمرو بن زهير ، عن محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال : قدم فروة بن مسيك المرادي على رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، مفارقا لملوك كندة ومبايعا للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وكان رجلا له شرف ، فأنزله سعد بن عبادة عليه ، فكان يحضر مجلس رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ويتعلم القرآن وفرائض الاسلام وشرائعه ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوما : يا فروة ، هل ساءك ما أصاب قومك يوم الرّزم (١)؟ فقال : يا رسول الله ، ومن ذا يصيب قومه ما أصاب قومي يوم الرّزم إلا ساءه ذلك! فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أما إن ذلك لم يزد قومك في الاسلام إلا خيرا ، وكان بين مراد وهمدان وقعة أصابت همدان فيها من مراد ما أرادوا حتى أثخنوهم ، وفي ذلك يقول فروة بن مسيك :
إن نغلب فغلّابون قدما |
|
وإن نهزم فغير مهزّمينا |
وما إن طبّنا جبن ولكن |
|
منايانا وطعمة آخرينا |
فأقام فروة عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما أقام ، ثم استعمله رسول الله صلىاللهعليهوسلم على مراد وزبيد ومذحج كلها ، وكتب معه كتابا إلى الأبناء باليمن يدعوهم إلى الاسلام. فأقام فيهم حتى توفى رسول الله صلىاللهعليهوسلم (٢).
وأخرج ابن سعد من وجه آخر : أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أجاز فروة بن مسيك باثنى عشرة أوقية ، وحمله على بعير نجيب وأعطاه حلة من نسج عمان. وذكر الواقدي ان عمر بن الخطاب استعمله أيضا على صدقات مذحج. وذكر غيره أنه انتقل إلى الكوفة فسكنها ، وله رواية ، أخرج حديثه أبو داود والترمذي وروى عنه الشعبي وأبو سبرة النخعي وجماعة.
غريب الأبيات :
قال الأعلم : الطب هنا العلة والسبب ، أي لم يكن سبب قتلنا الجبن ،
__________________
(١) الرّزم : بفتح أوّله ، وإسكان ثانيه ، يوم كان لهمدان على مراد قبيل الاسلام. وانظر البكري ص ٦٤٩ ـ ٦٥١
(٢) انظر عيون الاثر لابن سيد الناس ٢ / ٢٤١ ـ ٢٤٢.