لا يستطيع جواد بعد غايتهم |
|
ولا يدانيهم قوم وإن كرموا |
هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت |
|
والأسد أسد الشّرى والبأس محتدم |
لا يقبض العسر بسطا من أكفّهم |
|
سيّان ذلك إن أثروا وإن عدموا |
من يعرف الله يعرف أوّليّته |
|
الدّين من جدّ هذا ناله الأمم |
وليس قولك من هذا بضائره |
|
العرب تعرف من أنكرت والعجم |
وذكر القصيدة بطولها. فغضب وأمر بحبس الفرزدق بعسفان ، بين مكة والمدينة. وبلغ ذلك علي بن الحسين رضياللهعنه ، فبعث إلى الفرزدق بإثني عشر ألف درهم ، وقال : اعذر ، أبا فراس ، فلو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك. فردّها الفرزدق وقال : يا ابن رسول الله ، ما قلت الذي قد قلت إلا غضبا لله عزوجل ولرسوله ، وما كنت لآخذ عليه شيأ. قال : شكر الله لك ، غير أنّا أهل بيت إذا أنفذنا أمرا لم نعد فيه. فقبلها وجعل يهجو هشاما وهو في الحبس. وكان مما هجاه به :
أيحبسني بين المدينة والّتي |
|
إليها قلوب النّاس يهوى منيبها |
يقلّب رأسا لم يكن رأس سيّد |
|
وعينا له حولاء باد عيوبها |
فبعث له وأخرجه. ثم رأيت الزبير بن بكار أخرج في الموفقيات ، عن مصعب ابن عبد الله : أن ابن عبد الملك بن مروان حج فقال له أبوه : إنه سيأتيك بالمدينة الحزين الشاعر ، وهو زرب اللسان ، فإياك ان تحتجب عنه وأرضه. فلما قدم المدينة أتاه ، فلما دخل عليه ورأى جماله وفي يده قضيب خيزران وقف ساكتا ، فامهله عبد الله حتى ظن أنه قد أراح ، ثم قال له : السلام رحمك الله أوّلا ، فقال : عليك السلام ، وجه الأمير ، أصلحك الله ، إني قد كنت مدحتك بشعر ، فلما دخلت عليك ورأيت جمالك وبهائك هبتك ، فانسيت ما قلت ، وقد قلت في مقامي هذا بيتين. قال ما هما؟ فقال :