أدبر الأمر وانقضى ، صاح بنا صائح الدهر فصدع عصانا ، وبقيت ملانا ، وكذلك الدهر يا سعد ، إنه ليس من قوم يجره إلا والدهر بعصهم غيره (١). ثم أنشأت تقول :
فبتنا نسوس النّاس والأمر أمرنا |
|
إذا نحن فيهم سوقة نتنصّف |
فأفّ لدنيا لا يدوم سرورها |
|
تقلّب تارات بنا وتصرّف |
فقال سعد : قاتل الله عدي بن زيد ، كأنه كان ينظر إليها :
إنّ للدّهر صولة فاحذرنها |
|
لا تبيتنّ قد أمنت الشّرورا |
قد يبيت الفتى معافى فيرزى |
|
ولقد كان آمنا مسرورا |
فأكرمها سعد وأحسن جائزتها. فلما أرادت فراقه قالت له : حتى أحييك بتحية أملاكنا بعضهم بعضا ، لا جعل الله لك الى لئيم حاجة ، ولا زالت لكريم عندك حاجة ، ولا نزع عن عبد صالح نعمه ، إلا جعلك سببا لردّها عليه. فلما خرجت من عنده تلقاها نساء المصر فقلن لها : ما صنع بك الأمير؟ قالت :
حاط لي ذمّتي وأكرم وجهي |
|
إنّما يكرم الكريم الكريما |
أخرجه ابن عساكر في تاريخه.
٥٠٤ ـ وأنشد :
لو بأبانين جاء يخطبها |
|
زمّل ما أنف خاطب بدم (٢) |
قال المبرد في الكامل (٣) : ابان : جبل ، وهما أبانان : أبان الأسود ، وأبان
__________________
(١) كذا بالاصل.
(٢) الشعراء ٢٥٨ ، واللسان ١٦ / ١٤٢ وعيون الاخبار ٣ / ٩١ والاغاني ٤ / ١٤٦ (بولاق) ومعجم البلدان ١ / ٧٢ ، ومعجم الشعراء ١٢٢ وفيه ان الشعر لعصم بن النعمان.
(٣) ص ٨١٥ و ٨١٦