تقدّم شرحه في حرف الجيم ضمن قصيدة جميل (١).
٥٠٣ ـ وأنشد :
فبينا نسوس النّاس والأمر أمرنا |
|
إذا نحن فيهم سوقة ليس تنصّف (٢) |
قال ابن الشجري في أماليه : دخلت هند بنت النعمان على المغيرة بن شعبة وهو أمير الكوفة زمن معاوية فسألها عن حالها ، فأنشدت :
فبينا نسوس النّاس والأمر أمرنا |
|
إذا نحن منهم سوقة نتنصّف |
فأفّ لدنيا لا يدوم نعيمها |
|
تقلّب تارات بنا وتصرّف |
قال ابن الشجري : قولها : (نتنصف) أي نستخدم ، انتهى. وفي الحماسة : أنهما لخرقة بنت النعمان (٣). ومعنى البيت : بينا نحن ندبر أمر الناس بما نريد ، وطاعتنا واجبة ، وأحكامنا واجبة ، إذا انقلب الأمر واتضعت الأحوال ، وصرنا سوقة نخدم الناس. والسوقة ، دون الملك. قولها : (والأمر أمرنا) أي لايد فوق أيدينا ، والعامل في (بينا) ما في إذا من معنى المفاجأة. ثم رأيت المعافى بن زكريا قال في كتاب الجليس : حدّثنا محمد بن القاسم الأنباري ، حدّثنا أبو بكر محمد ابن أبي يعقوب الدينوري ، حدّثنا حسان بن أبان البعلبكي ، قال : لما قدم سعد بن أبي وقاص القادسية أميرا ، أتته خرقة بنت النعمان بن المنذر في جوار كلهنّ مثل زيها ، تطلب صلته ، فلما وقفن بين يديه قال : أيتكنّ خرقة؟ قلن : هذه ، فقال لها : أنت خرقة؟ قالت : نعم ، فما تكرارك في استفهامي ، إن الدنيا دار زوال ، وأنها لا تدوم على حال ، وتنتقل بأهلها انتقالا ، وتعقبهم بعد حال حالا ، إنّا كنّا ملوك هذا المصر قبلك ، يجبى إلينا خراجه ، ويطيعنا أهله مدى المدة وزمان الدولة ، فلما
__________________
(١) انظر ص ٣٦٦ ، وهو مع الشاهد رقم ١٧٢ ص ٣٦٥ من قصيدة واحدة.
(٢) الخزانة ٣ / ١٧٨ ، والحماسة ٣ / ١٨٧
(٣) في الحماسة : (حرقة) بالحاء المهملة. وكذا في البيان والتبيين ٢ / ٧٠ و ٣ / ٩٧ و ١٠٦