يوما ، فقال جلساء الملك حسدا له : إنه يمشي كأنه لا يرى أحدا أفضل منه! فجاء فحيا الملك بتحية ، فقال جابر بن جني في ذلك هذه القصيدة.
وقال ابن الأنباري في شرح المفضليات : الجديد هنا الشباب. والمصرم : الذاهب ، يتعجب من تصرمه ومن حلمه المتوهم بعد الذلة ، لأن الحلم إنما يكون قبلها ، وأما بعدها فليس بحلم. و (ما) في قوله : (ما فرط) زائدة ، ومجرم : تام كامل. والصريمة وما بعده مواضع. والقيقاء : جمع قيقاة بقافين ، وهو ما غلظ من الأرض في ارتفاع. والى في قوله : (الى مدفع) بمعنى الفاء كما قال المصنف. ويوم الكلاب ، بضم الكاف ، يوم مشهور من أيام العرب قتل فيه الخلائق. والكلاب الذي كانت الوقعة عنده ما بين الكوفة والبصرة ، وقال العسكري في كتاب التصحيف : الكلاب ماء ، وقيل موضع بالدهناء بين اليمامة والبصرة ، كان به وقعتان للعرب احداهما بين ملوك كندة الآخرة ، والأخرى بين بني الحارث وبين بني تميم ، فقيل الكلاب الأول والكلاب الثاني. فأما الكلاب الأول فكان في الجاهلية ، واليوم لبني تغلب ، ورئيسهم يومئذ سلمة بن حارث الكندي ومعه ناس من بني تميم ، منهم عرفجة بن أسعد ، وقطع أنفه يومئذ ، فلقى سلمة أخاه شرحبيل ومعه بكر بن وائل فقتل شرحبيل وهزم أصحابه. وفي هذا يقول امرؤ القيس (١) :
كما لاقى أبي حجر وجدّي |
|
ولا أنسى قتيلا بالكلاب |
وأما الكلاب الثاني : فكان لبني سعد والرباب ، من الرباب لتيم ، ومن بني سعد لمقاعس ، وكان رئيسهم في هذا اليوم قيس بن عاصم.
وقال من اللطائف : إن حيان بن بشر المحدث أملى يوما وهو قاض بأصبهان حديث ، أن عرفجة بن سعد أصيب أنفه يوم الكلاب ، فكسر الكاف ، فقال له مستمليه : أيها القاضي ، إنما هو بالضم. فغضب وأمر بحبسه ، فدخل إليه الناس وقالوا : ما هذا؟ قال : قطع أنف عرفجة في الجاهلية وامتحنت أنابه في الاسلام انتهى. وشرحبيل المذكور هو الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار ، كان رأس
__________________
(١) ديوانه ١٠٠