وأخرج ابن
عساكر من طريق المعتمر بن سليمان قال : حدّثني أبي قال : مشت قريش إلى أبي طالب
فقالوا له : أنت أفضل قريش اليوم حلما ، وأكبرهم سنا ، وأعظمهم شرفا ، وقد رأيت
صنع ابن أخيك ، فرّق كلمتنا ، وأفسد جماعتنا ، وقطع أرحامنا ، فادفعه إلينا نقتله
ونعطيك ديته. قال : لا تطيب بذلك نفسي أن أرى قاتل ابن أخي يمشي بمكة ، وقد أكلت
ديته. قالوا : فإنا ندفعه الى بعض العرب فهو يقتله وندفع إليك ديته ونعطيك أيّ
أبنائنا شئت فيكون لك ولدا مكان هذا. فقال لهم : ما أنصفتموني ، تقتلون ولدي
وأغذوا أولادكم؟ أفلا تعلمون أن الناقة إذا فقدت ولدها لم تحنّ الى غيره ، ولكن
أمر هو أجمع لكم مما أراكم تخوضون فيه ، تجمعون شباب قريش ، من كان منهم بسن محمد
فتقتلونهم جميعا ، وتقتلون معهم محمدا. قالوا : لا لعمر أبيك ، لا نقتل أبنائنا
واخواننا من أجل هذا الصابىء ، ولكن سنقتله سرّا أو علانية. فعند ذلك يقول :
لمّا رأيت القوم لا ودّ فيهم
القصيدة كلها.
قال الواقدي : توفي أبو طالب في النصف من شهر شوّال السنة العاشرة من حين تنبأ
رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهو ابن بضع وثمانين سنة. وأخرج ابن اسحق والبيهقي في
الدلائل بسند فيه من يجهل عن ابن عباس قال : لما أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أبا طالب في مرضه قال له : أي عمّ ، قل لا إله الا الله
أستحل لك بها الشفاعة يوم القيامة. فقال : والله لو لا ان يروا أني قلتها جزعا حين
نزل بي الموت لقلتها ، فلما ثقل أبو طالب رؤي يحرّك شفتيه ، فأصغى اليه العباس
ليسمع قوله ، فرفع العباس فقال : يا رسول الله ، قد والله قال الكلمة التي سألته!
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لم أسمع.
وأخرج البيهقي
في الدلائل عن ابن عباس : ان النبي صلىاللهعليهوسلم عارض جنازة أبي طالب فقال : وصلتك رحما ، جزيت خيرا يا
عم.
وأخرج البيهقي
عن عائشة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : ما زالت قريش كاتمه عني حتى توفي أبو طالب.